بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 5 مايو 2018

مرفأ الإمان

مرفأ الإمان ..
تائهةٌ روحي في دنيا متقبلة الاحوال لاتستقرّ بأهلها جازعةً ،خائفةً تبحث عن مايطمئنها ، تقف على شاطئ الذكر الرباني فتهدأ وتطمئن ؛ لتنسجم مع الكون في تسبيحه ..
قال تعالى في محكمه كتابه (سبح لله مافي السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم )*1

(وإن من شيئ إلا يسبّح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم إنه كان حليمًا غفورا)*2
التسبيح في اللغة:التنزيه عما لايليق .
تسبيح الله تمجيد الله وتعظيمه وتنزيهه
سبّح لله أي نزهه هولاء بما نفقه او لا مانفقه من تسبيحهم .*3

كل الموجودات تسبّح بحمد الله ، ويبقى الإنسان في غفلته غارقًا  يتحدّث فقط عن الهموم والاحزان والظروف القاسية التي يعيشها ويتمّنى ويتمنى ، فكأّنّ روحه تتنفّس الحزن فقط ،  متناسيًا بقية النعم التي تفضّل ويتفضّل بها علينا رب الوجود .
أعتقد بإن سبب ذلك هو بعدنا عن مرفأ الأمان الأيدي عنه سبحانه وتعالى فببعدنا ، نرمي بانفسنا إلى المهالك والمخاطر ، فهذا نبي الله يونس ع لولا رحمة الله ولطفه به، وتوبته وتسبيحه للبث في بطن الحوت إلى يوم يبعثون ، فكان تسبيحه عليه السلام نجاةً له من الظلمات .فعلينا أن نربي أنفسنا بأن نلهج بالشكر لله تعالى ؛ لما وهبنا من نعمٍ الهية كبرى وأكبر نعمة هي نعمة الولاء لمحمد وآل محمد.
ولكن ببعدنا عن خطهم الرسالي واكتفائنا بشعاراتٍ نرفعها ، وفخرنا بأقوالنا دون اعمالنا بالإنتماء.
كل ذلك جعلنا نشعر بالضياع والتيه ،
رسالتهم سماويةٌ مقدسةٌ تضئ للروح طريقها في هذه الحياة .
وجودهم وكلماتهم وأفعالهم نورٌ يوصلنا للرب جلّ وعلا.
فهذه مولاتنا فاطمة عليها السلام  يهبها أبيها سرٌ من الاسرار الباقية إلى يوم يبعثون ،  يهبها تسبيحةً تعجز العقول عن إدراك كنهها.
فقد ذكرها العلامة المجلسي في البحار (إن أمير المؤمنين قال : أرسل بعض ملوك العجم عبيدًا إلى رسول الله ص وقلت لفاطمة :اذهبي إلى رسول الله واسأليه أن يعطينا خادمًا ؛ ليساعدك في أعمال المنزل فذهبت فاطمة عليها السلام الى الرسول صلى الله عليه وآله  فقال الرسول : يافاطمة أعطيك ماهو خير لك من خادم ومن الدنيا بما فيها ..
تكبّرين الله بعد كل صلاةٍ اربعًا وثلاثين تكبيرة ، وتحمدين الله ثلاثًا وثلاثين تحميدة ، وتسبّحين الله ثلاثًا وثلاثين تسبيحة ، وتختمين ذلك بلا إله إلا الله وذلك خيرٌ لك من الذي أردت ومن الدنيا ومافيها ) ، فلزمت صلوات الله عليها هذا التسبيح بعد كل صلاة ونسب إليها ..
قد يتوهّم البعض أنّ القصة تشكّل خدشًا في العصمة وهذا غير صحيح ، فأمر أمير المؤمنين ع للزهراء بأن تطلب خادمًا بأمر من الله تعالى ،  والزهراء أيضًا سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  وهي عالمة وكم من سائلٍ عن أمره وهو عالم )
فعندما سال الله تعالى موسى بقوله
(وماتلك بيمينك ياموسى ) هل كان سؤالا عن جهلًا والعياذ بالله ؟!
هنا الزهراء وأمير المؤمنين يعطيان للأمة درسًا في الرجوع إلى رسول الله في جميع شؤؤن الحياة .
فطلب الخدم مباح ولكن هنالك ماهو خير للمراة المؤمنة وهو ذكر الله والتسبيح .*4
وجاء في معنى الأذكار الواردة فيه
الله أكبر ..في أنّه أجلّ من أن يوصف
والحمدالله ..الشكر والمدح والثناء
سبحان الله ..تنزيه لله من كل صفةٍ غير محمودة.
ولنستشعر هذا التسبيح بحقيقته لابدّ من التوجّه والخشوع والانقطاع لله سبحانه، ولابد من إتيانه بعد الصلاة مباشرة قبل أن يثني رجليه ، وأن يأتي بالتسبيحات متواليةً لايفصل بينها بفاصل ..ويستحب أن يسبّح بتربة الإمام الحسين ع ..*5
تواترات الاحاديث في فضله وعلوّ شأنه وعظمته من أفضل التعقيبات بعد الصلاة وقبل النوم وفي زيارة المعصومين عليهم السلام ..ولو كان هنالك شئٌ أفضل لنحله رسول الله ص فاطمة
(وإنا لنأمر صبياننا بتسبيح فاطمة كما نأمرهم بالصلاة فالزمه فإنه لم يلزمه عبد شقي)*6
فعن أبي عبدالله ع (تسبيح فاطمه في كل يوم في دبر كل صلاة أحبّ إليّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم )*7
(من سبّح تسبيح فاطمه في دبر المكتوبة من قبل أن يبسط رجليه أوجب الله له الجنه ) *8
وعن الإمام الصادق ع (من بات على تسبيح فاطمه عليها السلام كان من الذاكرين لله كثيرًا والذاكرت ) *9
فبذكر الله وتسبيحه نحوّل عمرنا القصير إلى شجرةٍ مباركةٍ أصلها ثابت وفرعها في السماء ، تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربها ..فبالتسبيح تطمئنّ قلوبنا وتصل أرواحنا لضفاف الأمان .
______________
1-سورة الحديد آية1
2-سورة الاسراء آية44
3- معجم المعاني.
4- موقع الشيخ الحبيب .
5- موقع من النت
6- آمالي الصدوق ص345
7- ثواب الاعمال للصدوق
8-فلاح السائل /ابن طاووس
9- وسائل الشيعه 4-1026

نداء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق