الأسرار الغيبيه في حادثة شق الجدار
أم محمد زاده.
الأئمة الأطهار عليهم السلام يحملون أسرارًا ربانية أفاضها الباري عزّ وجل عليهم منذ أن خلقهم أنوارًا وجعلهم محدقين بعرشه.
فاصطفاهم بعلمه وارتضاهم بغيبه واختارهم حفظة لسره وأنصارًا لدينه ومستودعًا لحكمته.
ومن مصاديق ذلك : ماشهده التاريخ في ولادة يعسوب الدين وقائد الغر المحجلين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
عن يزيد ابن قعنب قال: كنت جالسًا مع العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه وفريق من بني عبد العزة بإزاء بيت الله الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علي عليه السلام وكانت حاملاً به لتسعة أشهر وقد أخذها الطلق فقالت :( ياربي إنّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب وإني مصدقةٌ بكلام جدي إبراهيم الخليل وإنّه بنى البيت العتيق ، فبحق الذي بنى هذا البيت وبحق المولود الذي في بطني إلا مايسّرت عليّ ولادتي)
قال يزيد ابن قعنب: رأينا البيت قد انشقّ عن ظهره ودخلت فيه فاطمة وغابت عن أبصارنا ،وعاد والتزق الحايط إلى حاله فرمنا أن يفتح لنا فلم ينفتح فعلمنا أنّ ذلك من أمر الله تعالى.
ثم خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام( الأسرار العلوية-الشيخ محمد فاضل المسعودي)
والقائل يقول لماذا انشق جدار الكعبة ؟ فقد كان بالامكان أن يفتح لها باب الكعبة وتدخل في جوفها؟!!
كأنّ هذا مبالغة في الاعجاز وتأكيد الكرامة للإمام علي عليه السلام . وتثبيت لها مع مرور الزمن حيث لاتزال آثار الانشقاق إلى يومنا هذا .
وبهذا تغلق منافذ التأويلات والتمحلات الرامية الى تشويش هذه الخصوصية لعلي عليه السلام.
إنّ ولادة أمير المؤمنين علي في الكعبة المشرفة ماهي إلا استجابة للدعوة الابراهيمية في إعطاء الامامة في ذريته المؤمنة كما نوّه رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك (أنا وأنت دعوة ابراهيم الخليل)
إذًا أوّل أسرار ولادة مولى الموحدين في الكعبة المشرفة كانت في استجابة الدعوة الإبراهيمية المتمثّلة في بزوغ فجر الإمامة من أول يوم بنيت فيه الكعبة إلى أول يوم ولد في الكعبة ذلك المولود الإبراهيمي، والشاهد على ذلك ماظهر على لسان أمه فاطمة بنت أسد فيما قالت: ربّ إنّي مؤمنةٌ بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب واني مصدقة بكلام جدي ابراهيم الخليل... الخ
لماذا تذكر فاطمة(رضي الله عنها) في هذا المكان بالخصوص ابراهيم الخليل عليه السلام؟ لماذا لم تذكر غيره من الأنبياء السابقين؟
لأنّ المسألة مسألة ولادة الامامة التي تمثّل الامتداد للدعوة الابراهيمية (قال إنّي جاعلك للناس إمامًا قال ومن ذريتي ) 124 سورة البقرة
السر الثاني:
أن يكون مولد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة المشرفة هو إيذانًا من الله تعالى إلى البشرية جمعاء بأنّ الذي سيطهّر هذه الكعبة من رجس الأصنام والأوثان والأنصاب.
شاء الله تعالى لشخصية الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه أن يشرف على صياغتها المربي والمعلم الأول الذي وسع الدنيا علمًا ومعرفةً ، فنشأ على آدابه وترعرع على هداه فكان النموذج الأعلى والمثل الأسمى الذي توخّته النبوة ، فكان حقًا جوهرة خلقها الله تعالى وصاغها محمد ، حتى إذا شبّ وتخطّى دور الطفولة صار ألزم للنبي صلى الله عليه وآله من ظله لايكاد يفارقه. وكلمات الوحي تقرع مسامعه في نفس الوقت الذي تقرع به مسامع النبي صلى الله عليه وآله ويسمع رنة الشيطان خائبًا منهزمًا آيسًا من الاغواء والتضليل عند نزول البيان السماوي الأول(أقر أبسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علًم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم) العلق1_5
وبمجرد أن اطّلع على ذلك أعلن إسلامه واستقبل رسالة السماء بالتصديق واليقين.
وهنا مسألة جديرة بالوقوف والتأمل ، وهي محاولات بعض الباحثين والمتكلمين في اعتبار عليِ عليه السلام أول المؤمنين، لكنه من الصبيان لأنّه أسلم ولم يبلغ الحلم!!
متى كان عليًا عليه السلام غير مسلم حتى نقول أنه أول من أسلم؟!!
ثم متى دعاه رسول الله صلى الله عليه وآله كما دعا غيره من المسلمين ؟؟؟
عليٌ كان من المسلمين على فطرة الله التي فطر الناس عليها ولم تدنّسه الجاهلية بأنجاسها ، ولم يمارس أيّ تقليد من تقاليدها أو يتفاعل مع عاداتها أو أعرافها الفاسدة كعبادة الأصنام وشرب الخمور ووأد البنات ، ولهذا ينفرد سلام الله عليه بكلمة كرّم الله وجهه لأنّه لم يسجد لصنم ولم يشرب الخمر ، فهو الشخصية المؤهّلة منذ السن المبكر لحمل لواء الرسالة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله( من لايحضره الخطيب ج4)
فحياته حافلة بالعطاء مع ما لديه من الزهد وتحمّل الأذى في سبيل الحفاظ على بيضة الإسلام ونشر لواء العدل والسلام.
وكما كانت ولادته في بيت الله كانت شهادته في بيت الله لعظم خطره عند الله عز وجل
فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق