بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 5 مايو 2018

خطٌ رسالي

خطٌ رسالي
بقلم: سلمى الدخيل

في أرض الخليقة، وعلى مدار التاريخ، نرى وهج الرسالة نافذةٌ إشعاعاته في مختلف العصور..  محققاً أهدافه لقومٍ بعد قوم.. هداية الأمم، محو للجهالة والظلم..
هي.. رسالات سماوية تهزّ ضمير العالم، تؤجج شعلة الأمل ليكون العطاء ثرياً..
هم.. حجج الله في أرضه وسمائه،، ظاهرة أنوارهم، حكيمة قيادتهم...
مدد النبي الخاتم، الرحمة الواسعة، رجال نفخ الله حبه في عقولهم، ذوي همم عالية، وصبرٍ كالجبال الرواسي، بذلوا النفيس لإعلاء كلمة الحق،
فكانوا.. مورد العناية الإلهية، ومحطّ الرحمات الربانية..
محمدٌ فعلي،  الحسن ثم الحسين..
صور تشكلّت خلقاًَ وخُلقاً،،أنواراً بعضها من بعض
تُجسّد معنى الدين والعقيدة..
تأسيس وتعزيز لكل القيم والمبادئ الاسلامية في عهد الرسالة في مشروع تبليغي متكامل،قد حدّ من  الترسبات الجاهلية نوعاً ما...
لينهض عليٌ مُصلحاً في مواجهة مسار الانحراف...
ومن بعده الحسن حيث قام بإصلاح سوّي (الصلح)ليحفظ به الخطوط الأساسية للاسلام وأحكامه..
ولكن... تفاقم الفساد،، تعاظم الانحراف، عادت الجاهلية تُلملم شتاتها وتستعيد مجدها...
فتعود النهضة مجدداً في وارث محمد حاملاً على عاتقه مشروع الإصلاح
فغدا الحسين ممثلاً للإسلام المُحَمَّدي العَلوي في مواجهة الإسلام الجاهلي الأموي.
فكان...
- السيد الذي نهض بالدين واستقام به الصراط،  أبرز المظلومية بفناء ذاته واغلى مايملك،  حمل على عاتقه إرث النبوة في رحلته السرمدية الى دنيا الخلود...
- الشمعة التي أضاءت للمسلمين درب الخلاص، عرّفتهم مواطن الزلل وحفر الضلالة،  وضّحت مسالك الحق وطردت معالم الاستيحاش..
هي.. ذاتها الشمعة التي احترقت يوم عاشوراء.. لإشعال الضمير الابدي، فكانت الثورة ضمير الأديان..

- ثائراً يحمل سقفاً عالياً من القيم الإنسانية ليتمكّن من التفكير في مصائر الآخرين، يحمل درجة من الوعي تمكنه من العمل وفق مايجب أن يفعله للأمة...

- حدّد المنهجية الواضحة لخطٍ واحد سار عليه جميع الانبياء والرسل...
فكان عنوان المنهج...«إنِّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي؛ أُريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب» 1

أيّ اصلاح أراده الامام الحسين؟
ولمّ خرج مصلحاً؟
مالذي أصاب الامة؟

إنّه الفساد الذي تشكَل في حاكم جائر مهمّته محو الدين ورسمه..
عند ذلك تفجّرت الثورة الإصلاحية لتصحّح مسار الانحراف الذي أراده ذاك الحاكم.. في أمة الإسلام. 
ضرورة حتمية، وسعياً نحو استعادة الدين لتنبثق الانسانية حاملة مبدأها السامي، باذلة قصارى تضحياتها...
فكانت المضامين واضحة، والآليات موفّرة، مشخصة الفساد والمكامن السياسية، ودافع السلطة ووقوعها في دائرة الانحراف...
لذا..  أكّد الإمام  على الإهتمام بشؤون الأمة السياسية، الإقتصادية، الإجتماعية، الدينية،،
وذلك من أجل توعية الأمة، وعدم المساومة في الحق،
ومنع إثارة التفرقة، والعنصرية، والطائفية، والقبلية، والقومية، فلا تمييز بين الناس،،
وذلك من خلال..  تهذيب النفس ومنها لإصلاح الغير،لتتكوّن مفردتين ( صالحاً ومصلحاً)  وبالتالي بناء الشخصية الرسالية..
فالرسالة الإصلاحية مسؤولية مناطة بكلّ مؤمن ومؤمنة, لاتقتصر  على رجال الدين أو من يتصدّى له.. (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته))2
لِتنشىء القوة لمواجهة المحاولات التي من شأنها طمس معالم الدين وقد تصدّى لها سيد الشهداء مسدّداً بالإرادة الإلهية التي وضعت الخطوط العريضة لمنهجية الاصلاح..
إصلاح يحرّر الأمة  ويحيي ضميرها،متناسياً كل الخوف السياسي و الضعف العقائدي.
فكان  التمهيد الفكري في خطب الإمام معززاً لجنبة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ،، فذا جوهر الحركة الإصلاحية،، والمطلب الأساسي الذي أراد الإمام الحسين(عليه السلام) إيصاله إلى الأمة...
فكانت دعوته إصلاحية،  لا تنافسية على منصب الخلافة.. تحمل هدفاً جلياً لإيجاد أرضية حق تقمع الباطل...

ومن أجل ذلك كانت التضحية عظيمة، والفاجعة أليمة،  لثورةٍ إصلاحية، من شأنها تصحيح مسار الامة بعد أن فتنتُ بضلال اعداء الاسلام!
قومٌ أرادوا هدم القيم والمبادئ فما كان من السبط إلا أن يدعم الحق بروحه وأهله، ليحرّرها بحبرٍ من دم  الشهادة..
لِتسمو كل القيم التي جسدها الحسين عليه السلام ك شعلة حق تضيء على مر الزمان...
- أبرزها ( الثبات على مبدأ) 
المبدأ الذي يرتكز عليه أي فرد في الحياة هو ما يبني هويته...!
فكانت الهوية العظمى (الحب) 
((وهل الدين إلا الحب))3
طهارةً ونزاهة وعلقةً بالله وحده دون سواه رضاً برضاه وغضباً لغضبه.. (من أحبّكم فقد أحبّ الله)4
فالظاهر فيهم ليس إلّا آثار الله تعالى، ومحبتهم ليس إلا محبّة تلك الآثار الإلهية...
حيث هم المنهج القويم والصراط المستقيم والخط الاصلاحي لمن أراد أن يستقيم...!

ففي ملحمة الاصلاح (يوم عاشوراء) تُرجم الحب ترجماناً سرمدياً خالداً بخلود الدين...
في خروج محب فدائي،، مصلحٌ رسالي،، حاملاً على عاتقه همّ الأمة..
لِتّعلن حكاية حق وئِدت بسكين الظلم، فالحاكم الظالم أمات البشرية،،
والدماء الزاكية التي أُريقت في كربلاء،، سجّلت للبشرية مجدها...

المصادر
1/ بحار الانوار ج44 ص329
2/بحار الانوار ج72 ص38
3/مستدرك الوسائل 219/12 ب14 ج5
4/الزيارة الجامعة/مفاتيح الجنان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق