قراءة في فِكر آية الله جوادي آملي.
#ولاية الإنسان في القرآن،٢٦٤ ص#تلخيص فاطمه الكبرى المطرود.
بيّن المؤلف معنى الولاية (القُرب)الذي بدوره ينقسم إلى:
١)قرب إعتباري نسبة للمتوالين على حدّ واحد. ٢)قرب حقيقي الذي هو مثل سائر الإضافات وزمام الإضافة فيها بيّد المضاف إليه والمضاف تابع،وسبب التفاوت يعود إلى العبد لا إلى المعبود لأن الله تعالى قريب من الجميع،كما وإنّ (الولي) إسم من أسماءه الحسنى فلا وليّ إلاّ هو سبحانه والإنسان يجب أن يسعى لأن يصير مظهراً لهذا الإسم المبارك.
-لو صار موجوداً مّا قريباً من الحق فستظهر فيه آثار ذلك وهي المحبة والنصرة الصادقتين.
-أساس الولاية المعرفة والرفعة وكلما كانت المعرفة والمحبة أكمل كلما أحرز الإنسان مقاماً أرقى في مظهريته.
-منشأ الولاية الالهية هي صمديته تعالى.
-الصمد لا يعني الأجوف الذات وخالي الداخل بل بمعنى أن يكون باطن من هو مظهراً لله الصمد مملؤٌ بالمعرفة والإخلاص وعندها يتجلى فيه إسم الوليّ، وحيث أنّ الله الصمد فهو الولي أيضاً.
-متى أراد الإنسان أن يكون ولياً لله فلا طريق له سوى أن يكون مظهراً لله الصمد من ناحية العلم والعمل فيهتدي لعبادته سبحانه ممتثلاً للأوامر الإلهية فيدخل تحت دائرة أحباء الله فيكون الله مولاه.
-الإنسان العابد يصل إلى مقام أن يتكفله الله فيكون مستجاب الدعوة .
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الخميس، 10 مايو 2018
قراءة في فِكر آية الله جوادي آملي. #ولاية الإنسان في القرآن،
الاثنين، 7 مايو 2018
رأسا على عقب...
رأسا على عقب...
في حرم الحياة،يطوف الواقع وحتى الأسطورة حول قبلةٍ واحدة .
قبلةٌ تتوحّد فيها الأضداد ،وتستولي على الأنظار .
لعلّ وعسى يظفر بها من ظفر خلودٍ مرتقب..
ارتواء الحياة بالحياة بل ارتواء الموت بالحياة.
إنّها البطولة....
واقعٌ أقرب إلى الأسطورة.
بل هو واقعٌ أسطوري عند ذاك البطل الذي ثار وانتصر رغم تضامن الكل لهزيمته وتوظيفهم كلّ طاقاتهم و أسلحتهم للإيقاع به.
وتناسواحقيقةً أنّه البطل الذي تصالح مع ألمه ، بل صيّر منه أملٌ ينتج وينجز به .
فقد تخطّى هذا البطل نقاط الضعف عنده وتعرّف على مكامن القوة لديه حتى غدت أفعاله حراك ، وعباراته خطابٌ فعّال يبنى بها الإنسان، بل و تقوم به الحضارات الخالدة وإن رحل .
وأكبر دليلٍ على خلود البطولات.
إنّنا نجد في حياتنا أمواتًا أشدّ حياةً من الأحياء أنفسهم ، ولهم نصيب الأسد ممّا نمتلك ونفخر به، فهؤلاء يشيّدوا حاضرنا ومستقبلنا كما بنوا تاريخنا.
ولو تجوّلنا بكاميرا الحياة في أكثر الشوارع بطولةً في العالم سنجد السّاحات والشّوارع والجدران كلها قد تقلّدت صور أبطالها تيجان نصر وخطّت أسماءهم نياشين عز.
وعلى مستوى الفكر الديني نجد ان لا قيمة لأفكار تتّصل بالدين لا صلة لها بمثالٍ بشري مجسّدة لها؛ فالفكرة المجرّدة لاطاقة لها على تحريك الجماهير.
إذن فالابطال هم الدّعم السماوي لكل أولئك الرازحون تحت وطأة أوثان ضخمة، نصّبتها سلطات أو ثقافات أو تقاليد وعادات كانت هي السرّ. في فشلنا وهشاشة مجتماعاتنا .
فكما اذخر لنا التاريخ أبطالًا محرّرة .
فقد بعث لنا بأصنامٍ متحجّرة .
فجاءنا النصر بهؤلاء الذين قلبوا النتيجة رأسًا على عقب.
وضريبة هذا الإنقلاب موجعةٌ خصوصًا في مجتمعات تستسيغ العبودية وتلذعها الحرية.
ولكن الأمل لم يغيب قطالما وجدت نفوس منكسرة ومحتقنة لابد من وجود بطولة متجددة .
وهذه منهجية قرآنية أتضحت جليًا في قوله تعالى(انما انت منذر ولكل قوم هاد)"7رعد"
الآية الكريمة تؤكّد على وظيفة إلهية للنبي وهي" الإنذار" .
ولم تكتف الاية بذلك، بل وأكملت في إيجازٍ معجز بقوله(لكل قوم هاد)
هنا إقرارٌ بأنّ وظيفة الهداية( وهي ماقصدنا بها بالبطولة المتجدّدة )
هي وظيفةٌ متمّمة لوظيفة النبوة
و بوجهٍ أكثر تخصيصٌا نقول أنّ وظيفة الإمامة هي وظيفةٌ تابعةٌ ومن لوازم وظيفة النبوة.
ولو تأمّلنا لسياق الآية لوجدنا هناك خصوصيةً لاختيار لفظ "هاد" كما انّ لكل لفظٍ قرآني موقعٌ خاص بل موقفٌ خاصٌ ايضا.
وخصوصية هذا اللفظ يعود إلى معناه اللغوي فالهداية في اللغة هي: الإرشاد بلطف، ويقصد به الإلهام.
والخصوصية الأخرى انّ اللفظ "هاد" جاء بصيغة المفرد.
فهل لنا ان نتخيّل كيف يمكن لفردٍ واحدٍ أن يستوعب مجتمعًا بل قومًا بأكمله؟
فينتهي بهم إلى الرشاد بل وقد يتصعّد بهم إلى الكمال.
ومنتهى البطولة في كلّ ماذكر
انّ هذا كلّه لايحدث ويتمّ بحدّ السيف ولا بإراقة الدماء ، بل بلطفٍ ورفق تتحرّك هذه النفس، تتحرّك روحها وفكرها، فتشتعل المشاعر ويتغيّر السلوك .
لذا كانت (لكل قوم هاد)متممةً لوظيفة خاتم الانبياء(إنما أنت منذر)
وأمرٌ بيّن غير خفي أنّ مصداق هذه الآية هو أخو الرسول وابن عمه
أمير القلوب (علي بن أبي طالب)
فعليٌ هو من خلق فينا بسيرته مايملؤنا إيمانًا وحكمةً ومعرفةً وصدقًا.
وعند مقارنة النص القرآني مع الحدث التاريخي نقع في الهوّة العظيمة بين ماهو لازمٌ وبين ماهو كائن.
ونرى كيف انقلبت الأمور رأسًا على عقب.
فالجميع كان يقرّ بأنّ أقضاهم علي، أشجعهم علي ، أفضلهم علي.
ولكن نجد واقعًا مأساويًا . إذ نجده مسلوب الحق في إدارة الأمة، جليس الدار لخمسة وعشرين سنة وصفها قائلًا. (صبرت وفي العين قذىً وفي الحلق شجا أرى تراثي نهبًا)
لقد ذاق عليٌ عليه السلام الأمرّين حتى وصف الشهيد الصدر شجاعته قائلًا (لم تكن شجاعة عليٍ شجاعة السباع ولا شجاعة الأسود .إنّ شجاعة علي كانت شجاعة الصبر)
أرادوا باستبعادهم إيّاه أن يقضوا على بطولته والتي شربوا منها حتّى الثمالة .
وإذا بهم يفشلون في ذلك، فهاهم يلجؤون إليه لينتشلهم من إحراج جهلٍ او فشل رأيٍ او تخبّط فكر .
هذا غيض من فيض.
ومايخفونه بزيفهم وزورهم كان أدهى وأمر.
فعلي هو ذاك البطل الذي قلب حياتهم رأسًا على عقب.
ومازال ..
فعليٌ مافتئ يصول ويجول في الواقع كما كان في سابقًا في التاريخ .
ولا عجب فالإمام علي عليه السلام أداةٌ من أدوات الكون الذي لم يغادره بروحه وإن فارقه بجسده .
ولأنّه الأداة فقد جاء الأمر للجميع بالتفاعل معه واتباعه ،لعل وعسى نصنع أنفسنا على قدرٍ من طرازه .
فهذه حاجةٌ ذاتيةٌ لكلّ من يدّعي أنّه مع علي ، تقول الرواية (الشيعة من شايع علي)
فكما نشايع ضيوفنا المغادرين لدورنا علينا أن نشايع ونتّبع عليًا لا بالحب والتعلّق فقط ؛ بل نشايعه عمليًا وعلميًا وفلسفيًا ، وهذا بحدّ ذاته بطولةٌ عظمى على صعيدنا فاتّباعه يعيد ترتيب مافي داخلنا ،ويروي مابنا من ظمئٍ وحنين للوجود ؛ لأنّه تجسيد الوجود .
وماعداه هواءٌ مختنق ، وسرابٌ باهت، وانطلاقةٌ متعثرة .
فعليٌ ملتقى الأسطورة والواقع معًا.
والحياة ماكانت إلا جزءًا من بطولاته .
ليلى الصادق
طريق الجنة
*طريق الجنة*
مريم فريد
الكلمات تتسلّل مني كما تتسلّل قطرات الماء من بين الأصابع , ربما لعجزها أن تصف الأحداث كما حدثت وكما ستحدث ,وكيف للغة مكوّنة من حروف مجتمعة أن تصف أو أن تفسّر حقيقة ذلك الطريق , حتى كلمة "طريق" هنا عاجزة أن تعبّر أو ان تشرح ماهية طريق الجنة ؟؟ فهذا الطريق يختلف وإن كان في شكله في سائر الايام يشبه كلّ الطرق ، شارع من اتجاهين ذهاب واياب وثلاثة أرصفة , رصيف في الوسط ورصيف على جانب كل شارع واعمدة كهرباء على امتداد الشارع , الإختلاف الوحيد في هذا الطريق والذي لا يفهم معناه إلا من سار فيه في ذاك الوقت من الزمان " الأرقام " العمود الكهربائي يحمل رقمًا وكلّ رقم يرمز إلى مضيف ربما يكون هو قصد الزائر أو قصد خادم المضيف لكن في النهاية تنتهي الأرقام عند الألف والخمس مئة وخمسين وهوالهدف.
مقدمتي تبدو كأحجية أو شرح لخريطة ما , لكنها لمن سار هذا الطريق أو سار لبضع خطوات فيه هي استدعاء الذكريات الحية المخزنة في الذاكرة إلى حالة الشعور والإحساس لنعيش الأحداث من جديد بصورة أو صوت أو شريط مسجّل .
الرحلة الاولى كانت بدايتها من برزخ علي عليه السلام من مقبرة السلام , ونحن نبدأ الرحلة كأنّا من القبور بعثنا , لأنه بتلك الخطوات تنتقل من عالم إلى عالم مختلف فالحياة قبلها كأنما هي موت بعد ما تنهي ذلك الطريق وفعلا هو كنهر الحياة يجري ويجري لايتوقف ليلا او نهارًا لكنه نهر من البشر فى الأثر. إنّ قراءة الأسماء التي على القبور تورث النسيان , وأنا اتنقّل بين تلك القبور ربما تعمدت لاشعوريًا أن اقرأ الأسماء فكل الأسماء تقريبا اقترنت بلفظ شهيد قبله , ومع كل اسم حاولت حفظه نسيت حدثًا واسمًا كنت أتمنى أن أسقطهم من ذاكراتي منذ سنوات , لأنه لابد من إسقاط أو نسيان شخص أو ذكرى قديمة حتى يحلّ مكانه حدث جديد لنبدأ من جديد .
لوهلة تعتقد أنك ستسير وتسير وإذا أخذك التعب ستتوقف ولن تكمل المشي , ولكن ما أن تبدأ لا تستطيع التوقف حتى تصل إلى نقطة النهاية , وصفنا أحدنا برادة الحديد التي تنجذب إلى المغناطيس طريق بشري متّصل " يسير " لايتوقف , يتوقّف البعض لينام عدة ساعات أو يتناول بعض الطعام لينطلق من جديد , الطريق الوحيد الذي لاتحتاج فيه للمال للنوم او للطعام , كل شئ مجاني.
أحد المشاة اتصل بأهله في الصين ليخبرهم أنّ هذه هي المرة الاولى التي يرى فيها مطعمًا مجانيًا بطول ثمانين كيلو متر ؟؟
في هذا الطريق يتنافس الجميع ليقدّم لك خدمته المجانية من شيخ القبيلة الوقور الذي يتوسّل إليك أن تقبل ضيافته إلى المرأة إلى الأطفال الصغار الذين يقفون في وسط الطريق يحملون كؤوس الماء والمناديل الورقية .
في كل خطوة تخطوها تعيد جميع حساباتك , تعترف بتقصيرك بعبثك بلهوك بذنوبك بغرورك تعيد تربية نفسك تنسى حتى عاداتك وتحفظك في الطعام والشراب تمدّ يدك بكل أريحية وحب ، وأنت تتناول كأس الماء من " المغطس" دون أن تنظر إلى الماء أو إلى الكأس عيناك فقط معلّقة بعيني ذاك الصغير" ّأو تلك الصغيرة" اللتان تتألقان فرحًا وأنت ترتشف الماء منهم ,
أما كوب شاي أبو علي فيغدو رفيق الرحلة بل وقودها كما يحلو لبعض المشاية أن يسمّوه ريدبول المشاية , طعم كطعم الحياة للمولود الجديد ونحن هو .
يشاركك الملايين في خطواتك وان اختلفت الطريقة ,لكن الصمت هو سيد الطريق إلا من أصوات التسجيلات التي تعلو لتيقظ التساؤل عقب التساؤل , عندما تراقب الماشين تعتريك الدهشة و الحيرة و الاستغراب الكل يسير في نفس الاتجاه نفس الطريق بنفس الهمة والاصرار على الوصول , كل الجنسيات كل الاعمار وعندما تجلس لترتاح قليلا ..تجد نفسك في مقابل مجموعة من العلماء بكامل زيهم العمامة العباءة لكن تتفق أقدامهم مع الباقيين في ارتداء الشحاطة حذاء العامة , تتوقّف لتتناول كأسًا من شاي أبو علي تلتفت لترى أمامك ذاك الشاعر الذي ملأت قصائده الدنيا , بل لعلك تلتقي شخصية من بلد مجاور تعرّفت عليها في احدى المناسبات الدينية , ربما تفترق الخطوات وتتباعد الاجساد مع من رافقنا في بداية الرحلة لكن ومن حيث لا تشعر يجتمع قلبك مع ملايين القلوب , في ذات الوقت وأنت ترقب الأقدام وكيف تسير ؟؟
وحتى عندما يتسلّل الظلام شيئًا فشيئًا تتوقع أن يتوقّف النهر البشري ليرتاح أو يغفو عدة ساعات لكنه على العكس يزاداد قوة وجريانًا كأنما نشط من عقال , العينان تتعلقان على جانبي الطريق بين الفينة والأخرى للجهة اليسرى جهة المواكب ربما اتفقت على لقاء من افترقت عنهم في هذا الموكب أو ذاك وإذا تشابهت الأسماء وما أكثر ما تتشابه نظرت إلى الجهة اليمنى إلى عمود الكهرباء حتى تتأكد أنّ هذا هو المكان المطلوب , وإن لم تكن على موعد إلا مع نقطة الهدف تتعلق عيناك فقط بالرقم على العمود في نقطة البداية تشعر أنّ الطريق طويل طويل وتحدّث نفسك متى أصل أقلا إلى نصفه ولكن عندما تقترب من المنتصف وتثقل قدماك لا بفعل المشي بل لأنّ العد التنازلي لنهاية الطريق بدأ فكلما ارتفع تعداد الأعمدة ابتدأت خطواتك بالتناقص, وكلما اقتربت أكثر ثقلت أقدامك أكثر حتى تضطر إلى أن تجرّهم جرًا عند الألف والخمس مئة تحسّ كأنّما تحمل الطريق على كتفيك , بل كأنك تودع حياتك الماضية فمع وقع كل خطوة تعاني مخاض ولادة روحك الجديدة , وكلما اقتربت ازداد الألم والحزن لفراق هذا الطريق ففيه تغدو النفس شفافة صادقة ليس بينها وبين الله حواجز , طريق الجنة هكذا يصف البعض وسيلة السفر ألى ارض كربلاء لأن كربلاء هي جنة الحسين عليه السلام ولكنّ أغلب من يمشي إليها يدرك أنّ طريق الحسين عليه السلام هو الطريق الحقيقي للجنة .
عندما تقترب ترى الملايين يقفون عند أعتاب الجنة " كربلاء" يسلّمون يقرؤون الزيارة ويعودون ، نعم يرجعون من حيث أتوا ليعطوا للغرباء أمثالنا فسحة للزيارة , هذا هو طريق الحسين عليه السلام الذي اعتادوا خطواته منذ نعومة أظافرهم .
" خلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى " خلعت نعلي " عندما رأيت تلك اللوحة (كربلاء ترحب بكم) أحسست ببرودة الأرض الرطبة وكلما سرت خطوة التصقت بقدمي طينة كربلاء ,رائحة ولون مختلف لتلك التربة لا تشبهها اي تربة ....ومع برودة الطقس يزداد الشعور بالبرد لكن مع كل رعشة تشعر أنّ تلك الطينة تتغلّل إلى داخلك بل تختلط بلحمك ودمك .. أعيش اللحظة بكلّ تفاصيلها ففي ذلك الطريق لا تحتاج إلى عدسة تصوير لتحنّط هذه اللحظات أو لتعيش اللحظة من جديد أو لتتذكّر فكلّ الطريق كلّ التفاصيل محفورة في العقل في الروح ، واقتربت من الهدف من نقطة الوصول هنا تتصاغر النفس من أنا ؟؟ ومن أكون ؟؟ لأكون مع هؤلاء الملايين مواسيًا زينب عليها السلام , تكتمل الصورة ونعيش الذكرى نصادف ركبًا للسبايا " موكب " يتقدّمهم السجاد عليه السلام ومن بعده باقي السبايا، ويعلو صوت مقطوعة نينوى " التي ارتبطت بأحداث كربلاء مذ وعيت تلك الأحداث " فلا يكتمل أيّ تمثيل لأحداث عاشوراء إلا بها.. تندمج ألحانها مع صوت طبول الحرب ,تستوقفنا تلك القافلة نقف إلى جوار المئات بل الالاف السجاد وزينب عليهما السلام الأطفال والنساء وجابر يتقدم الموكب سائرًا إلى أرض كربلاء, ونبدأ المسير معهم , تستقبلنا من بعيد قبّة الكافل لتحتضن قلوبنا قبل أبصارنا نستمر في المسير لنصل إلى العمود 1550نقطة الوصول الهدف ضريح الإمام الحسين عليه السلام لنقف مسلمين من أمام الحرم فدخول الجنة من بعد هذا الطريق يستلزم الإغتسال لتعانق الروح قبل الجسد ضريح النور, أما كيف كان اللقاء فتلك قصة أخرى ؟؟
الأحد، 6 مايو 2018
عالمة آل محمد
عالمة آل محمد
بقلم: مزدلفه الخليفه
قرانٌ عظيمٌ يدعو إلى تحصيل العلم إذ تكرر ذكره في سبعمائة آية فجاءت بخطاب عام ، بالإضافة إلى وسائل تحصيله لما فيه من مصلحة حتى يتحقق البناء والإعمار ، فيرقى نحو الكمال ؛ لكنه يحصل بالكسب والجد خلافا للعلم الحضوري الذي لايمنحه الله لأحدٍ إلا من ارتضى "كالعلم بالغيب".
قال الله تعالى: (ومايعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ومايتذكر إلا ألو الألباب).
علمٌ قسمه العلماء إلى :
علم حصولي ، وعلم حضوري.
فكان من نصيب العلم الحصولي تعريف يدعى:
بحضور صورة المعلوم لدى العالم وهو يحتاج إلى:
واسطة فأصبح يعتمد على ثلاث ركائز هي:
المدرك، والخارج ،والصورة.
وهو علم ناتج من النظر ، والمعرفة لابالبداهة بل بالحصول .
وكان من نصيب العلم الحضوري اللدني كذلك تعريفاً يدعى:
بحضور نفس المعلوم لدى العالم فلا يحتاج إلى واسطة بل يعتمد على طرف واحد وهو المدرك "بذاته"
كعلم الإنسان بذاته ، وأحاسيسه ، ومشاعره (علم بديهي).
فمثاله: كشعور المريض بالألم علم حضوري "حاضر" ، وعلم الطبيب بألم المريض "حصولي" لأن صورة الألم وماهيته تكونت وحصلت لدى الطبيب وليس نفس الألم الذي يشعر به المريض!
فلذا فالعلم اللدني "الحضوري" هو العلم الذي يتوصل إليه من دون واسطة بل يُلهَم إلهاماً.
بينما العلم الكسبي الحصولي:
لايحصل عليه الإنسان إلا بالتعلم
والآية خير دليل على أن النبي والمعصومين -عليهم السلام- من الراسخين في العلم يعلمون علماً حضورياً ؛ لذلك قرن الله علمهم بالتأويل بعلمه.
ولو لم يكن علمهم حاضراً لما صدق عليهم أنهم أوتوا العلم، وماثبت في صدورهم ، وهل يكون غير الموجود ثابتاً أصلاً؟!
وهل يحجب الله علمه عن حجته؟!
فكيف تكون له الحجة البالغة إذاً وليس لديه علم بالحوادث والأعمال؟!
ولو أمكن وصف علمهم بأعلى من الحضوري لوصف ، ولكن سمي بالحضوري لقصورنا عن إدراك وصفهم ولجهلنا بحقيقة ذلك العلم
فعلم الله => علم مطلق
و
علم المعصوم => علم نسبي.
أي أنه يعلم ماكان ، ومايكون ،وماهو كائن بمقدار ماأطلعه الله تعالى عليه.
فالمعصوم لايعلم الغيب بالأصالة بل بسبب إلهي.
إذاً: علم المعصوم -عليه السلام- علمٌ حضوري "لدني" الذي يلقيه الله في قلب من يشاء أي عنده علم ماكان ومايكون .
من قبيل قولهم عليهم السلام :
(إن عندنا علم ماكان ومايكون وماهو كائن إلى أن تقوم الساعة).
فلايتعارض علمه مع علم الله فهو -عليه السلام_ عنده
(علم بالغيب) لا (علم الغيب)
أي أن ماأطلعهم الله عليهم بواسطة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فهم يعلمون بهذه الأمور عن تحديد وتعليم بما علمه الله لنبيه صلى الله عليه وآله.
أما علم الغيب:هو علم أختص الله به { قل لايعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله }
"فالله هو الذي بيده مفاتيح العلوم كلها عالم بكل شيء ومحيط به ، وهو الذي يفتح أبواب العلوم لمن يريد ويشاء من الأنبياء والأوصياء والأولياء ومالديهم هو " علم بالغيب" أطلعهم الله عليه.
إذ أن هناك فرق كبير بين علم الغيب، والعلم بالغيب وكذلك مايقتضيه التركيب اللفظي ، واللغوي.
فالغيب: هو ماغاب وخفي عن الحس والعقل غيبة تامة كيوم القيامة،
فقد أشار أمير المؤمنين -عليه السلام- له حيث قال له بعض أصحابه:
لقد أُعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب!
فضحك وقال: يا أخا كليب ليس هو بعلم الغيب ، وإنما هو تعلم من ذي علم ، وإنما علم الغيب علم الساعة)
فما عندهم -عليهم السلام - إنما هو بإطلاع من الله وتعليم منه لهم فإنه يستحيل
في حقه تعالى أن يفرض الخلق طاعتهم وثم يحجب علمه عنهم
وهكذا بالنسبة للرزق والخلق
"في الجملة"
فالله يعطي القدرة لأوليائه على ذلك فيرزقون أو يخلقون بإذنه ، فعلمهم الحضوري " اللدني" وعلمهم بالغيب لاينافي كونه مستمداً من الله سبحانه
فعلم الله سبحانه علم مطلق ، وعلمهم نسبي
فما كان غيبا عند زيد قد يكون شهادة عند عمر ،وما كان غيبا عندنا قد يكون شهادة عند الملائكة ؛ فإن الملائكة تعلم كثيرا مما نجهله نحن ،
ويعلم الرسول صلى الله عليه وآله مالا يعلمه جبرائيل عليه السلام وعلى هذا القول نقول:
إن الله عز وجل قد شاء أن يعلم المعصومين -عليهم السلام - وسيدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما خفي عن الناس وهذا حاصل قطعا.
عن عمار السابطي قال :
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الإمام يعلم الغيب ؟ قال: لا .
ولكن إذا أراد الله أن يعلم الشيء أعلمه الله ذلك .
فنجد في حياة فاطمة الزهراء -عليها السلام- خير دليل على ذلك.
ونرى الكثير من الجوانب المشرقة المثيرة للإهتمام ؛ بل كل جوانب حياتها وهذه الجوانب تدعونا للتوقف عندها بمزيد من التأمل، والتدبر، والتفكر، والتي توصلنا إلى الخصوصيات الإلهية، والفيوض الربانية التي أكرمها الله عز وجل بها ولا عجب فهي التي جعل الله عز وجل مظهر رضاه رضاها ،ومظهر غضبه غضبها.
فهي "روح النبوة بين جنبي رسول الله وهي أم النبوة لأعظم نبي ، وهي قرينة الإمامة حيث كانت للإمامة كفؤ وكانت لحجج الله مهدا وحجرا"
نعم..
هي فاطمة سر الله الأعظم وبضعة النبي وعدل الوصي فمّما خص الله به "قديسة الإسلام الكبرى" فاطمة الزهراء -عليها السلام -أن جعلها مجمعا لعلوم الأنبياء والأوصياء ومستودعاً لما خصها به من العلوم الإلهية والمعارف الربانية ، وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة
فهي " عالمة آل محمد"
يقول السيد محمد الشيرازي "قدس سره" :
إن الصديقة الزهراء- عليها السلام- كانت عالمة بالعلم "اللدني" من الله فقد أوتيت من العلم والمعرفة قدراً لا يضاهيها فيه أحد سوى والدها وبعلها .
ويقول السيد الآملي :
"والعلم الإرثي الإلهي يكون تحصيله بالعلم الرباني وهذا العلم يتم تحصيله
من خلال ثلاثة أنحاء:
• أما وحياً
•أو من وراء حجاب
"أي إسماع الكلام من غير أن يبصر السامع من يكلمه.
•أو إرسال ملك.
وقد حفظ التاريخ الكثير من المواقف التي تدلل على أعلمية السيدة الزهراء -عليها السلام- وتفوقها على أقرانها وأنها كانت تفتي النساء وتعلّم الرجال ما يصعب عليهم من أمور الدين فهي التي لا تقاس إلا بالأنبياء ولا يستر عنها شيء من الأسرار الإلهية حتى ولو ستر عن الأنبياء ؛ لأن الله اختارها وأهلها حججاً على العالمين وأظهر فضلهم على عامة الأنبياء والمرسلين فالله يعطي الأنبياء وعامة العباد على قدر الإستحقاق ، و الإستحقاق على قدر المعرفة بالله والقرب منه وإن نبوة الأنبياء ما تكاملت بل لم يحصلوا على النبوة إلا من خلال محبة السيدة -عليها السلام- وولايتها ، والإقرار لها بالفضل، والعظمة عن الله ،
فلا يحجب الله عنها أسرار خلقه ،وتدبير مملكته مع أنه تعالى حجب الكثير منه عن الأنبياء والمرسلين ، وليس ذلك إلا لأن الإستحقاق بالفضل والكرامة إنما هو بالقرب من الله ومن وليته الكبرى فاطمة -عليها السلام- فمقامها كذلك يفوق مقام الأئمة -عليهم السلام -ولولا المرآة الفاطمية لم تظهر الصورة المحمدية العلوية .
كذلك العلم الإلهي الموجود في القلب المحمدي ، والعقل العلوي فلولا الجسم الفاطمي لم يظهر ذلك العلم منهما صلوات الله عليهم أجمعين.
فالزهراء كالمرآة عكست النور المحمدي العلوي عكسته لنا من العالم السابق إلى عالم الدنيا ؛ لأننا لا نستطيع الوصول إلى ذلك النور!
كما أنني لا يمكنني الوصول إلى قلبك وعقلك ولا أعلم ما فيهما إلا إذا أظهره جسمك لي باللسان أو اليد أو شبه ذلك.
فلولا أن الزهراء أظهرت نور أبيها وبعلها لما وصلت التكاليف الشرعية لأي موحد لله تعالى .
كما قال إمامنا الحجة -عجل الله فرجه الشريف- في دعاء كل يوم من شهر رجب :
(فبهم ملأت سماءك وأرضك حتى ظهر ألا إله إلا أنت).
وقال الامام الصادق عليه السلام:
(نحن حجج الله على عباده وجدتي فاطمة حجة الله علينا)
فلم يظهر التوحيد في جميع العوالم الإمكانية و الأكوانية إلا بنورهم.
فكما يقول السيد الشيرازي :
الدين مثله كالمثلث المتساوي الأضلاع ،وأضلاعه الثلاثة هي :
التوحيد ،النبوة ،الإمامة
فلا يقبل الله تعالى الدين إذا كان فيه التوحيد والنبوة بلا الإمامة والولاية!
فورد عنهم -عليهم السلام -بأن الله خلق محمدا وعليا لأجلها وكما يقول جابر الأنصاري : قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم:
( يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك ولولا علي لما خلقتك ، ولولا فاطمة لما خلقتكما )
في هذا الخبر الشريف يشير إلى :
مقام النبوة ،والإمامة، والولاية
فرسول الله صلى الله عليه وآله كان مأموراً بالتبليغ بمقام "النبوة" ، وأمير المؤمنين علي -عليه السلام- كان مأمورا بمقام "الإمامة" وفاطمة-عليها السلام - كانت مأمورة بمقام "الولاية الإلهية"
وكما نجد كذلك في زيارة سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء :
(وأرخيت دونها حجاب النبوة ).
كناية عن:
نزول الوحي في بيتها ، وكونها مطلعة على أسرار النبوة ؛ فهي حليفة النبوة والإمامة ، وأن ولايتها مرقاة لوصول الأنبياء إلى النبوة ومقام الرسالة!.
فمصحف فاطمة عليها السلام أكبر دليل على علمها لما يحويه من مختصات وأسرار علوم أهل البيت -عليهم السلام- والذي لم يطلع عليه أحد سواهم وأنه ميراث الأنبياء والأوصياء ، وهو الآن عند صاحب العصر والزمان (عج) -عليه السلام-
وفيه تفسير القرآن وعلم ما هو كائن إلى يوم القيامة وكانوا صلوات الله عليهم يراجعونه وينظرون إليه لوصف حال الزمان والإخبار بالأحداث المستقبلية.
فاختصاص الزهراء عليها السلام بهذه التحفة الربانية لدليل يضاف على امتيازها وفضائلها وعلمها،
وأنها لاتقاس إلا بالأنبياء ، ولاتقارن إلا بمن قدستهم السماء..
فسلام الله على من أطلعها على غيبه وأودعها علمه واختصها بفضله سلام لاينقطع ذكره ولاينضب أثره.
الهوامش:
____________
*سورة آل عمرآن آية (7)
*سورة النمل (65)
*مقال ماجد عبد الهادي الفردان
*كتاب أمهات المعصومين آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي
*بيت الأحزان للشيخ عباس القمي
*فاطمة بنت محمد قدوة للنساء للسيد علي عاشور
*محاضرات السيد محمد رضا الشيرازي الأولياء وعلم الغيب، علم المعصوم بالغيب
* مقال الأستاذ رضي العسيف
*علم الأئمة بالغيب شبكة الامام الرضا ع
*يسألونك عن الأئمة للشيخ أكرم بركات