بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 6 ديسمبر 2014

الوضع السياسي في عصر الامام السجاد عليه السلام

الوضع السياسي في عصر الإمام السجاد ع
(نظرة عامة )
إن الحقبة الزمنية التي عاشها الإمام السجاد ع كانت فترة قاسية بما رافقها من مصائب كربلاء إلا أن الإمام سلام الله عليه أستطاع أن يجمع بين الشئون الروحية والمتطلبات السياسيه ليثبت للعالم أن الإسلام دين الروحية والعقيدة والسياسة ولا فصل بين العبادة والسياسية
ولقد اعتقد البعض بأن سياسة الإمام سلام الله عليه السلام غامضة ولا ملامح واضحة لها وذلك بسبب أسلوب التوريه والتمويه الذي أتّبعه الإمام ،وتلك اللمسات التي وضعهها الإمام بطريقته الخاصة تنسجم مع تلك الظروف والأحوال المحبطة.
ومن براعة سياسة الإمام سلام الله عليه أنه لم يكن منصرفاً إلى السياسة كل الانصراف إنما كانت شأناً من الشئون وقد حقق كثيراً من المكاسب السياسية مدهشاً الذين انغمسوا فيها ، ولا أدلّ على ذلك من تلك الجموع البشرية التي شقّت له الطريق عندما وفد للبيت الحرام حاجاً بينما موكب هشام بن عبد الملك انتظر حتى يخف الزحام , كما أن من أسرار سياسته قيامه بالمنجزات الكبيرة بعيداً عن وسائل الإعلام .
الأوضاع المتدهورة في عصره :
1- لقد عمّ الفساد واللهو والتجاهر بالمعاصي .
2- ملاحقة أهل البيت إعلامياً بالافتراء عليهم وتصويرهم بالظالمين والمعتدين .
3- سياسة التجويع والحرمان لأهل البيت وشيعتهم وحرمانهم من كل الامتيازات ومصادرة أموالهم وحتى هدم بيوتهم لإجبارهم على استجداء لقمة العيش من حكامهم .
4- سياسة الاضطهاد والملاحقة الشرسة لكل من يتصل ويميل لأهل البيت وتصفيتهم .
5- سياسة التجهيل التي تتعرض لها الأمة ، فقد انتشر الجهل بأحكام (الصلاة / الحج )
وسائل الإمام للإصلاح السياسي والاجتماعي :
1- لقد كانت سياسة الدعاء التي أتبعها الإمام الدور الأكبر في مواجهة الانحطاط السياسي والاجتماعي
فقد كان يوجه المجتمع إلى الإصلاح واللجوء لله بأسلوب ذكي يشد الانتباه,
ولقد كان دعاؤه رسالة مفتوحة للجميع رسالة على المستوى الشخصي للفرد نفسه أو للمجتمع ككل
فمن خلال الدعاء كان يأخذ بيد الناس إلى السياسة الإلهية ويدعوهم لله ويدعو لهم بالتوفيق والصلاح
1- كان يدعو القادة لإعانة الناس ويدعو للقادة بالتسديد والحفظ والفرج (اللهم ادفع عن وليك ...)
2- من جانب آخر كان يدعو على الظالمين ويتحدث عن أساليبهم ومخططاتهم ( اللهم أن الظلمة جحدوا آياتك وكفروا بكتابك .....   اللهم فتت أعضادهم واقهر جبابرتهم )
( منجزات الأدعية )
1- تحديد الخط القيادي
تنوعت الألوان القيادية في عصره واتسعت رقعة الخلافات الفكرية والنزاعات حول طبيعة الحكم وهوية الحاكم ( سفيانية , مروانية , زبيرية , خوارج )
فكان لابد من تحديد هوية القادة الحقيقية اللازمة فكان الإمام من خلال ادعيته يشير لها ويوصفها على حسب الشرعية الإسلامية
( رب صل على أطايب أهل بيته الذين اخترتهم لأمرك وجعلتهم خزن علمك وحفظة دينك )
2- نشرالأخلاق الرسالية
ونضع خطين تحت الرسالية تمييزا لها عن الأخلاق الغير رسالية لأنها ضرورة تميّز المؤمن عن غيره
المؤمن الذي يتوقع منه أفضل الأعمال وأرضاها , وبالمقابل يتحدث عن الذنوب وانعكاساتها على الفرد والمجتمع .
3- تنشيط الساحة الجهادية
لقد رأى الأمام في الدعاء مادة خصبة لغرس الفكر الجهادي ضد الطواغيت وإعلاء كلمة الحق وليس الجهاد بهدف إبراز الشجاعة فحسب بل المحافظة على التراث البطولي للآباء والأجداد
( واجعلني ممن تتنصر به لدينك وتقتل به عدوك )
2-سياسة تحرير العبيد
إن سياسة تحرير العبيد عند الإمام جاءت في وقت كانت القيادة السياسية تستعبد الأحرار فأراد أن يثبت أن قيمة الإنسان كإنسان سواء كان رق أم حر
والإسلام لم يقر نظام الرق واستنكر تلك النظرة الضيقة التي ينظر بها للمستضعفين وكان تعامل الإمام يعكس نظرة الإسلام الصحيحة ويستنكر ويرفض تلك المعاملة الحقيرة التي اتبعها ساسة بني أمية
كان يجالس الطبقة المستضعفة حتى تعجب منه الآخرون
كان يشتري العبيد ثم يطلقهم أحراراً تأكيداً على أن تحرير العبيد منهج ايجابي سياسي وإنساني يثاب فاعله ( وماأدراك مالعقبة . فك رقبة )
الإمام كان يشتري العبيد لا ليعتقهم فحسب بل ليربّيهم أولاً , كان يلقّنهم دروساً تربوية و توجيههم بما يجعلهم أحرار النفوس قبل أن يكونوا أحراراً واقعيين .
كان لكل عبد صحيفة عمل يسجّل الإمام فيها سيئاته فإن حان وقت تحريره قرأ عليه صحيفته حتى يعترف بأخطائه، بل والأكثر كان يعطيهم رأس مال ليبدءوا به حياتهم .

دور الإمام في الأحداث السياسية
أ- دوره بعد واقعة الطف :
على الرغم من تلك المصارع الدامية في كربلاء وتلك التضحيات الجسيمة التي قدمت أمام الإمام إلا أن شجاعته وبطولته لم تقل عن بطولة الميدان وعلى الرغم من حالة الأسر والاضطهاد والتنكيل ومظاهر التشمت والتعذيب النفسي الذي مارسه طغاة بني أمية وأزلامهم إلا أن ذلك لم يشل عزمه بل أتمّ الحجة على الجميع وكشف تزوير الحكام وأزاح الستار عن جورهم  وفضح دعاياتهم منتهجاً كتاب الله وسنة رسوله أراد أن يعلن للملأ إن هذا الركب ركب ينتمي إلى رسول الله وليس خارجياً كما نشرت دعاياتهم..
عندما أفصح عن هويته الشخصية فلم يدع لهم عذراً للاحتفال بنشوة الانتصار , مضى يعرف بنفسه ( أنا....أنا... ) حتى ضجّ المجلس بالبكاء والنحيب، وقلب الرأي العام من خلال خطبه الحماسية في الكوفة / دمشق.
وكذلك في المدينة كان له الأثر الكبير في إيقاظ الأمة وكان أول موقف سياسي أنه كلما رأى غريباً في الطريق دعاه لضيافته ثم يبكي ويقول لقد قتل أبوعبدالله غريباً جائعاً عطشاناً في طف كربلاء ؛ وذلك بهدف تعبئة النفوس وشحنها ضد الظلم.
واختار بعد واقعة كربلاء الابتعاد عن الناس الذين أدرك ضعفهم فاتخذ له خيمة في الصحراء لماذا ؟
1- تحقيق الشعور بالذنب لدى أهل المدينة الذين خذلوا الإمام الحسين ع واكتفوا بالتباكي .
2- تحاشياً للاصطدام بالحكام الأمويين الذين ينتظرون أي بادرة تبرّر لهم قتله فبقى خارج المدينة من 61-63
سياسة الأمام كانت حكيمة وقد اعتمد فيها عدم الانجرار إلى لعبة السياسة القذرة.
ب- موقفه من واقعة الحرة :
التي كانت تحت إمرة مسرف بن عقبة وقتل فيها الآلاف من المجاهدين والأنصار وهتك مدينة رسول الله صلّى الله عليه وآله واستباحها ثلاثة أيام.
الإمام تعامل باللين والحكمة وكان مسرف يريد قتل الإمام لكن موقف الإمام الانعزالي وسكونه جعله لايصيب بسوء , وهذا الموقف مكّن الإمام من حماية أكثر من 400 عائله وحمى حتى ألد أعدائه مروان بن الحكم
ج- موقفه من الحركات الثورية :
لقد تبنّى الحركات الثورية سراً وتوجيهها بشكل غير مباشر لتفادي المواجهة المباشر مع السلطات وبهذا الاسلوب أمكن للأئمة المحافظة على مكانتهم الشخصية وإن كان من رأى إن الأئمة سلام الله عليهم عارضوا الثورات المناهضة للسلطة بأنهم لم يعارضوها كثورة بل اعترضوا على الأخطاء العقائدية التي وقع فيها قادة الثورات.
وكان يتعامل معها بشكل غير مباشر كما في ثورة المختار التي ترك الأمر فيها لعمه ( محمد بن الحنفية ) قائلاً له :
( ياعم لو أن عبداً تعصب لنا أهل البيت لوجب على الناس مؤازرته وقد أوليتك لهذا الأمر فاصنع ماشئت ).
د- موقفه من الظالمين
كان الامام يقاطع الحكام مقاطعة مقصودة متعمّدة تعبّر عن موقفه السياسي محاولة لكسر هيبتهم ودعواهم الواهية بالانتساب للإسلام .
عندما رأى عبد الملك يطوف بالبيت لم يلتفت إليه فقال له ياعلي بن الحسين إني لست قاتل ابيك فما يمنعك من السير إلينا ،فقال له الإمام (إنّ قاتل أبي أفسد بما فعله دنياه عليه وأفسد ابي عليه آخرته فإن احببت أن تكون هو فكن)
كذلك رفض إعطاءهم سيف رسول الله الذي حاولوا استيهابه منه لإضفاء الشرعية على ملكهم لكن الإمام أبى بالرغم من تهديهم بقطع رزقه من بيت المال، ومما يدل على موجهتهته لهم قوله.
(إن الله تعالى ضمن للمتقين المخرج من حيث يكرهون والرزق من حيث يحتسبون ثم ( إن الله لايحب كل خوان كفور ) فانظر أينا أولى بهذه الآية
- كلنا يعرف قضية الحجر الأسود وكيف إنهم سجنوا الفرزدق عندما قال شعر في الإمام واعتبروه إهانة لهم لقد قام الإمام بالاتصال به ومساعدته
هـ موقفه من أعوان الظلمة :
من خلال أدعيته كان يحمّل الأمة المسؤولية في حرب الحسين ع وينبّه الناس على أنّ التعامل مع الظالمين وإعانتهم تقويه لشوكتهم ومشاركة لهم.
( لعن الله امة ظلمتك ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به )
كذلك موقفه من علماء البلاط ومواجهتهم بالتقريع واللوم والتنديد العلني  مثل موقفه من الزهري الذي تزلّف لحكام بني أمية ، فقد كتب له رسالة يوبّخه فيها:
( مالك لاتنتبه من نعستك ، ولاتستقيل من عثرتك ، أما ترى ما أنت فيه من الجهل )
-  وكذلك يظهر موقفه جلياّ من خلال دعاؤه لأهل الثغور وبالمقابل دعاؤه على أعدائهم

مصادر البحث :
أ- الكتب
1- النظرية السياسية لدى زين العابدين محمود البغدادي
2- الإمام علي بن الحسين مختار الأسدي
3- منتهى الآمال في تاريخ النبي والآل الشيخ عباس القمي
ب- المواقع الإلكترونية
- موقع العتبه الحسينية المقدسة
- كتب الهداية
- مركز آل البيت العالمي للمعلومات
- زاد المعاد
- موقع الشيخ علي الكوراني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق