بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 29 ديسمبر 2014

▪مراحل بناء قبر اﻹمام الحسين عليه السلام

▪مراحل بناء قبر اﻹمام الحسين عليه السلام

➰في يوم 13من محرم الحرام 61هجري أي بعد ثلاثة أيام من ملحمة الطف الخالدة دفنت اﻷجساد الطاهرة لﻹمام الحسين "ع"وأهل بيته وأصحابه وفقا للترتيبات والمواضع التي حددهاابنه اﻹمام السجاد "ع"لعشيرة بني أسد التي كانت تسكن أطراف كربلاء وبمعاونته وقد بنى على القبور شواهد .
➰في سنة 65أو66هجري أوعز حاكم العراق آنذاك (المختار الثقفي)
رضي الله عنه ببناء مسجد وسرادق حول القبروكان البناء من اﻵجر والطين
وهو أول بناء ..وبنيت قرية حول المرقدين أصبحت نواة مدينة كربلاء.
➰سنة171هجري أمر حاكم الدولة العباسية هارون العباسي بهدم مدينة كربلاء كلها بضمنها البناء القائم على ضريح اﻹمام الحسين وأخيه العباس عليهما السلام..وحرث أرض القبر الشريف لﻹمام "عليه السلام"وقطع شجرة السدر الدالة عليه.
➰في عام198تولى المأمون حاكم الدولة العباسية اعمار مرقد اﻹمام الحسين "عليه السلام"من أجل التقرب ﻷتباع أهل البيت "ع"ﻹمتصاص النقمة المتزايدة عليه بسبب قتله أخيه اﻷمين الحاكم السابق واستيلائه على السلطة.
➰سنة 232تولى المتوكل حاكم الدولة العباسية وكان شديد البغض لﻹمام علي أمير المؤمنين "عليه السلام"ولذلك عمد إلى هدم قبر اﻹمام أبي عبد الله الحسين "عليه السلام"أربع مرات خلال فترة حكمه كان آخرها 247هجري.
➰في سنة 248أعيد بناء مرقد اﻹمام الحسين"عليه السلام"وتوسيعه مع وضع علامة عالية على القبر ﻹرشاد الزوار وذلك من قبل (المنتصرالحاكم العباسي).
➰قبل عام271هجري تولى الحسن العلوي ملك طبرستان والديلم تشييد الحرم الحسيني وأتخذ حوله مسجدا فتوفي قبل إكماله وتولى بعده أخوه الملقب بالداعي الصغير محمد العلوي البناء الذي أكمله عام280 هجري فوضع قبة شامخة على المرقد وبابين وبنى للمرقد إيوانين كمابنى سورا حول الحرم ومنازل للزائرين والمجاورين.
➰في عام 368هجري قام أمير إمارة البطائح في جنوب العراق (عمران بن شاهين )بتجديد البناء على حرم اﻹمام الحسين "عليه السلام "بين عامي 369و372هجري بدأت عملية إعمار وبناء العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية بأمر من رئيس وزراء الدولة العباسية في بغداد الملقب بعضد الدولة ابن ركن الدولة البويهي.
➰من سنة 740هجري إلى سنة 790هجري جرى التعمير والتطوير وإنجاز البناء الموجود حاليا للحرمين المطهرين لﻹمام الحسين وأبي الفضل العباس"عليهما السلام"بأمر من سلاطين الدولة الجلائرية المغولية المسلمة  ابتداء من حسن حسين بن أقبغا ،ثم السلطان حسين ابن الشيخ أويس، وثالثهم السلطان حسين ابن الشيخ حسن الكبير ،ورابعهم السلطان أحمد بهادر خان بن أويس .
➰في عام 1400هجري أنشأت ساحة بين الحرمين المطهرين ،وفي عام 1406هجري تم اﻹنتهاء من بناء السور الخارجي للعتبتين المقدستين .▪ثم شهدت العتبات المقدسة بعد سقوط اللا نظام في عام 2003 م نهضة شاملة وعلى مختلف المجالات والصعد الفكرية والثقافية والعمرانية ،وقد قطعت أشواط كبيرة في مجالات التأليف والنشر والتحقيق إضافة ﻹصدار العديد من المجلات والنشرات ....

المصدر
موقع العتبة العباسية المقدسة

..........
الاخت
فاطمه العيسى

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

عودة الركب الحسيني في الأربعين بين الحقيقة والتزييف

عودة الركب الحسيني في الأربعين
بين الحقيقة والتزييف

هي وصمةُ عارٍ طُبعت على جبين التاريخ،ألوانها الدماء،لغتها السيوف،منطقها السبي ،لاشيء يُنبأ بالأمان،بعدما داست خيل العدى كل الأمان.
رُبما كانت تلك الصفعة كفيلة بإيقاظِ سُكارى الفكر ،لكنها رُغم ذاك حُرفت حوادثها ونالت منها أقلام تُجار الدنيا مانالت لقاء ثمنٍ بخسْ،دراهم معدودات.
ورُغم كل تلك الأموال الطائلة التي أُنفقت لطمسها وتزوير حقائقها،كانت كربلاء ولم تزل حديثاً يُشجي القارئ البصير ويفتح نافذةَ اليقظةِ لقلوبٍ كانت أشبه بالميته.
هِي أيام قلائل لكنها تركت أثراً نيراً في كل وقفه،لتنطق زينب على لسان السبط الشهيد،لم تكن زيارة الأربعين خِتامُ المسير،فلم تكتمل الصورة بعد،ثمة مشهد آخر بإنتظار عقيلةِ الطالبيين في طرقاتٍ طالما خلدت خُطى آخر النبوات.
لكننا سنحط هاهُنا هُنيئة (رجوع السبايا إلى كربلاء يوم الأربعين بين الحقيقة والتزييف).
أن يكون  تزييف الحقائق من العدو رُبما يُقبل بعض الشي  فهو خطاءٌ من رأسه لأخمص قدميه وأهدافه واضحة للعيان،لكن المؤلم أن يكون التحريف من القريب بل من المُحب الموالي،والهدف إستنزاف الدمعه،استدرار العاطفه لاغير.
واقعة كربلاء رغم أن يد الأعادي طالت بعض أحداثها لكن يد المحب لعبت دوراً لايُستهان به فأضافت بعض المشاهد بصورةٍ مأساويه محلقةً في خيالٍ مختلق،وما تزويج شبل الحسن وسط سيوف ورماح إلاّ إحدى صورها لتُغَيَّب الصورة الواقعية عن الساحه ،سبطُ محمدٍ تحوطه أشباه بشر مضيقةً السبل حدّ الإختناق،ليُعلنها صلاةَ خوفٍ بين حماةٍ فدت سيدها فأبت إلاّ أن تكون هدفاً لراميه،ظاهرها صلاة خوف وحقيقتها إنقطاعٌ لانظير لحدوده.
وكذا الحال بالنسبة لوقفتنا تلك فلم تسلم هي الأخرى من التزييف لتتعدد الأقاويل بين مؤيد لزيارة الركب الحسيني يوم الأربعين أرض الشهادة والإباء وبين مُعارضٍ له،ولكلٍ أدلته المقويه.
وقبل الخوض في أدلة كل فريق لابد من تثبيت بعض النقاط حتى لايتشتت القارئ العزيز:
*نحن لانتحدث عن الأربعين،كزيارة مؤكدة الإستحاب،فهي فوق الشبهات،وبعيدة عن آراء المتقولين
*زيارة جابر بن عبدالله الأنصاري يوم الأربعين لسبط رسول الله( ص) ثابتةٌ لانقاش فيها.
*زيارة الركب الحسيني أرض كربلاء أثناء العودة لمدينة رسول الله( ص)ثابتٌ أيضاً.
إذاً أين موضع النقاش (متى كانت زيارة الركب لكربلاء)??
رُبما سنناقش أمراً بات مُشتهراً بين الناس حدّ التسليم،لكن سبر أغوار التاريخ وتتبع أحادثه يُوقف القارئ عبر محطاته ،متسائلاً كيف تجتمع تلك الأمور رُغم استحالتها ظاهراً،ولدينا في المسألة رأيان:
الأول: يُعارض بشدة مجيئ أهل البيت عليهم السلام يوم الأربعين ويستدل بعدة أمور منها:
أ/ أن عطية العوفي -وهو مصدر الرواية التي تحكي زيارة جابر يوم الأربعين-لم ينقل شيئاً عن لقاء جابر بالقافله رغم كونه حدثاً هاماً في فرض حصوله،ومع ذكره لتفاصيل صغيرة تضمنتها زيارة جابر (إغتسل-ألقى على نفسه الطيب-خطا خطوات-خاطب الإمام الحسين بقوله: يا حسين حبيبٌ لا يجيب حبيبه)،كما أن المستفاد من الروايات أن الزيارة لم تكن إلا ساعات عديدة.
أما رواية اللقاء ففيها ورود عدة من بني هاشم ورجال من آل الرسول إلى كربلاء ولم نجد هناك اسم عطيه ولو كان حاضراً لروى اللقاء مع هؤلاء الجماعة،فالنتيجة أنهما زيارتان.
ب/أن مجموعة من العلماء والمؤرخين أفادوا أن وقت خروج قافلة الحسين من الشام كان يوم الأربعين،قال الشيخ المفيد: وفي العشرين منه كان رجوع حرم سيدنا ومولانا أبي عبدالله عليه السلام من الشام إلى مدينة الرسول.
ج/ إختلفت الأقوال في مدة بقائهم في الشام بين عشرون يوماً على أقل التقادير والشهر والخمسة والأربعون يوماً.
د/ المسير من الشام إلى كربلاء يستغرق ثلاثة وعشرون يوماً على أقل التقادير إذا سارت القافلة نهاراً فقط،وإحد عشر يوماً إذا سارت ليلاً ونهاراً.
هـ/القافله لم تسر من الكوفة إلى الشام مباشرة بل إن عبيدالله بن زياد بعث رسالة إلى يزيد يسأله عما يصنعه مع القافله وهذه الرسالة تحتاج لعدة أيام ذهاباً وإياباً.
ز/ أن سير أهل البيت من الكوفة إلى الشام من طريق تكريت والموصل ونصيبين وحلب المعبر عنه بالطريق السلطاني الذي كان معموراً وماراً بكثير من القرى والمدن المعمورة وهناك العديد من الشواهد تُؤيد ذلك منها بروز الكرامات الباهره من الرأس الشريف في دير راهب قنسرين،وقنسرين يقع بمنزل من حلب وخرل سنة 351 حين إغارة الروم.
و/ لايقبل ذو عقل سليم أن يأتي الإمام السجاد عليه السلام ويكون ذلك أول زيارته لقبر أبيه في الظاهر ولم يُنقل عنه كلام أو زيارة ،وتُنقل الزيارة التي تعمل بها الشيعة عن جابر بن عبدالله الأنصاري.
هـ/ إن تصريح كثير من العلماء بكون جابر أول زائر للحسين عليه السلام يثبت تقدم زيارته على زيارة جماعه من بني هاشم والا فما كان هناك وجه في تلبسه بهذا العنوان دون غيره.
ي/ أن أحداً من أجلاء فن الحديث والمعتمدين من أهل السير والتاريخ لم يذكروا ذلك في كتبهم مع أنه في غاية الأهمية وجدير بالذكر،بل المستفاد من سياق كلامهم إنكارهم له.
إذاً نستنتج مما سبق أن الركب الحسيني وصل كربلاء شهر ربيعٍ الأول إما في الأول/الثاني منه أو في منتصفه.
ولكن كيف يُجاب على الروايات التي تُشير إلى لقاء جابر بالقافله؟
يُحتمل أن جابر قد خرج من الحجاز قاصداً زيارة الإمام ووصل إلى كربلاء يوم العشرين من صفر وبذلك حظي بشرف أولِ زائرٍ للحسين عليه السلام ،ثم أنه ربما زار الإمام الحسين مرة ثانيه خصوصاً أنه وردت رواية مفادها أن جابراً كان برفقة عطية العوفي ثم قال له: إذهب بنا إلى بيوت كوفان،فيمكن أن يكون جابر قد ذهب بعد زيارته الحسين عليه السلام إلى الكوفة ثم رجع بعد ذلك قبل ذهابه إلى الحجاز لتجديد الزياره،وعندها إلتقى بقافلة الحسين عليه السلام.
الثاني: يؤيد زيارة الركب الحسيني كربلاء يوم الأربعين،(يقول أبو ريحان البيروني:العشرون من صفر رُدّ رأس الحسين إلى جثته حتى دُفن مع جثته،وفيه زيارة الأربعين ،وهم حرمه بعد انصرافهم من الشام)ويستدل أصحاب هذا الرأي بعدة أمور منها:
أ/أن الأسرى من آل محمدٍ عليهم السلام قد حُبسوا لمدة يومين فقط ،قام خلالها الحمام الزاجل بحمل جواب الرسالة من يزيد إلى ابن زياد والتي أمره فيها بإرسال الأسرى إلى الشام.
ب/أنهم تحركوا نحو الشام في يوم الخامس عشر  أو العشرين من المحرم.
ج/ أنهم وصلوا الشام في الأول من صفر.
د/ أن القافلة في مسيرها من الكوفة إلى الشام سلكت خطاً مستقيماً يمر بمنطقة صحرواية قاحلة قاسية وحارة تسمى باسم بادية الشام ،حيث لايوجد فيها أيّ عمران،ومدة السير في هذا الطريق تستغرق أسبوعاً.
ر/ لايوجد دليل معتبر على لبثهم في الشام شهراً،بل التواريخ المعتبرة تصرح بكونه أياماً من ثمانية إلى عشرة.
و/ لقد أتى خبر موت معاوية إلى الكوفة بعد مضي أسبوع من موته.
هـ/ لقد كان موت معاوية في 15 من رجب سنة 60،وخروج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة في 28 من شهر رجب ،وتحقق في هذا الفاصل الزماني الذي هو عبارة عن 13يوماً وصول القاصد وعدم بيعته عليه السلام مع أن الفاصلة بين الشام والحجاز أكثر منه إلى العراق.
ز/ خرج الإمام الحسين عليه السلام من مكة في الثامن من ذي الحجة والفاصل بينها وبين الكوفة مايقارب 380 فرسخاً والإمام ماكان يسرع في السير ووصل الى كربلاء في الثاني من المحرم ،فتحصل أن مسيرته تمكنت أن تقطع هذه المسافة الطويلة خلال 24يوماً .
ح/في مسألة نجاة المختار من الحبس ،ذهب عميرة حاملاً رسالة عبدالله بن عمر-زوج اخت المختار-إلى يزيد،وأخذ بكتاب استخلاصه منه،وتوجه نحو الكوفة وسار الطريق في أحد عشر يوماً إلى أن وصل الكوفة.
ي/ ذكر الطبري أن بسر بن أرطأة أمهل أبا بكر أن يذهب من الكوفة نحو الشام ويرجع خلال أسبوع،فصار ذهابه إلى معاوية وإيابه إلى بسر في سبعة أيام،فيعلم من ذلك أنه ذهب من الكوفة إلى الشام في ثلاثة أيام ونصف وكذا حال الرجوع.
لكن معظم الأدلة السابقه وردت عليها إشكالات وردود أعرضنا عن ذكرها بُغية الاختصار ،فمن أراد فليراجعها في المصادر.
وبين مؤيدٍ ومعارض،تبقى المسألة شائكة،لكننا نستقرب كون زيارة الركب الحسيني أرض كربلاء بعد العشرين من صفر بناءً على ماذُكر سابقاً من المدة التي أمضوها في شام الذل،وإستئذان إبن مرجانة من يزيد،ولحاظ حالة المسيرة في الذهاب والإياب،هذا حسب الظاهر وتبقى كرامات الآل ومعاجزهم فوق تصور عقول بني البشر فرُبما طُويت لهم الأرض بمشيئة رب السماء،أو كما تم دفن الجسد الطاهر بطريقٍ إعجازي رُبما رُدّ الرأس للجسد بذات الطريق.

مصادر البحث:
الملحمة الحسينيه/مرتضى مطهري.
مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة/ج6/محمد أمين الأميني.
مواقع نت: حوزة الهدى للدراسات الإسلامية.
مواقع نت: العتبة الحسينية المقدسة.
مواقع نت: شبكة المعارف الإسلامية.
...............

الاثنين، 22 ديسمبر 2014

لنطلق سلاح الحب

لنطلق سلاح الحب

في كتاب الخالدون المئة للدكتور مايكل هارت عالم الفلك المسيحي الذي عمل في مركز أبحاث الفضاء في غرين بلت في ميريلاند الذي صنف فيه الرجال الأفذاذ الذين تركوا تأثيرهم علی حركة التاريخ والزمن .  أن الذي يحتل المرتبة الأولی بلا منافس ويتصدر القائمة ..  هو الرسول الأعظم محمد صل الله عليه وآله وسلم .

د .هارت لم يأتي بجديد علی من سبقه من المفكرين والباحثين وعلماء الشرق والغرب الذين أبهرهم الإنجاز العظيم الذي حققه رسول الله ص في مدة لا تتجاوز ربع قرن من الزمن .

لقد صاغ رسول الله محمد ص الدستور ووضع النظام العادل فأهتم بالفرد وأهتم بالمجتمع وركز علی روح الفرد وقلبه كما ركز علی حاجاته وغرائزه في خلق التوازن في الشخصية الإنسانية

وكما أهتم بالدولة الوليدة ،  إهتم بالدول الأخری ولعب دور الأب النموذجي والمثالي الفريد من نوعه في حنانه وعطفه ورحمته .

لقد جاء رسول الله ص بدعوته المنفتحة علی الحياة والوجود
وقام بنشر ثقافة الحب ونبذ أحقاد الماضي ببناء القيم الحضارية والعودة إلی إنسانية الإنسان وإنسانية القيم وإنسانية الأهداف والتطلعات .

لقد جمع بسياسته السلمية بين الأبيض والأسود والحر والعبد والرجل والمرأة في مجتمع القلب الواحد وهم يؤمئذ أشتات وفرق ، وبينهم تاريخ ملطخ بالدماء والأحقاد ، ليكون بهذه الأطياف المتعددة مجتمع الرسالة ودولة الإسلام الكبری .

ففي مكة تعرض أصحابه لأشد أنواع الإيذاء وأبشع طرق التعذيب فاستشهدت سمية أم عمار ثم لحقها زوجها وعذب عمار وبلال وخباب وغيرهم الكثير  ولم يكن منه ص الإ مطالبتهم بالصبر وتحمل الأذی من الصدمات الموجعة من الكفار وعدم مواجهة العنف بالعنف والقسوة بالقسوة .
وفي المدينة أسس أروع القوانين المدنية لحفظ المجتمع من الإنفلات  فوضع يده علی السيف ليضع حدا فاصلا" للفوضی والإعتداءات الوحشية لضبط حالات الطيش والتعدي  ، ولم يكن يرفع السلاح إلا في حالات رد الإعتداء لإن أساليب العنف وسائل اضطرارية استثنائية كأكل الميته للمضطر .

لقد مثل رسول الله  محمد صل الله عليه وآله التجسيد الحي للسلمية التي كان يهتف بها ويدعو إليها .  وما يثير الدهشة ان عدد القتلی في كل المعارك والحروب والغزوات التي خاضها والتي قاربت المائة لم يتجاوز عدد القتلی فيها إلی 1000قتيل . وهذا مما يدل علی حرصه الشديد في حفظ الارواح وعدم اراقة الدماء .

إن حياته صل الله عليه وآله  رسالة حب كلها فلم يلمس منه طيلة حياته أن خرق هذه السياسة الرحيمة ولم يستخدم يوما" اسلوب العنف والشدة ولم يدعو الی الدموية والممارسات الوحشية بل سلك اسلوب المرونة واللين بقلب ينبض بالحب والرحمة ،  فلا مجال للغضب والانفعال . بل انتهج مبدء التهدئة بسعة الصدر وضبط النفس والصبر علی المكاره ومقاومة الالم والوجع والإيذاء .

لقد وصل في رسالة الحب التي يحملها إلی مرحلة الأسطورة ليرسم بذلك أجمل لوحة إنسانية حانية رحيمة عرفتها البشرية ذات يوم لقائد غير وجه التاريخ كله .
ومن صور الحب المقدس الذي يحمله لاعداءه قبل أصدقاءه ،  ما جاء في كتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني  ..  أنه ص إذا أراد أن يبعث بسرية دعا أفرادها ليقفوا بين يديه موجها لهم قائلا :

سيروا باسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلی ملة رسول الله ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخا" فانيا" أو صبيا" ولا إمرأة ولا تقطعوا شجرا إلا أن تضطروا إليها .

وكما كان رسول الله ص منبعا للحب والتسامح .. كان المسلمون من خلفه  ، ففي معركة بدر الكبری اتضحت صورتهم .. فهؤلاء المؤمنين الذين ذاقوا العذاب الأليم علی أيدي المشركين في تلك التجربة المريرة  القاسية معهم ،  لا تزال الرحمة تحتفظ ببريقها وجوهرها في أعماق قلوب هؤلاء المؤمنون  انهم يظفرون بأعدائهم بعد رحلة العذاب التي تختزن في ذاكرتهم  .

ماذا عسانا نتوقع منهم
التوقعات كثيرة لكن ما حدث اذهل الجميع   !!
لقد غضوا الطرف عن أخذ الثأر منهم وكان الواحد يؤثر أسيره بحصته من الطعام ولقد أطلق رسول الله قيد الأسری مقابل تعليم عشرة من غلمان المسلمين.
وهو بهذا يحول الحرب الدموية إلی منهج تربوي يساهم في بناء المشروع الرسالي للأمة . ولقد أمر أصحابه في معركة بدر ايضا أن لا يبداوا القوم بالقتال حيث وجه خطابه للمشركين قائلا :

يا معشر قريش إني اكره أن أبدأكم فخلوني والعرب وارجعوا  ، لقد كان ذلك توجيها لهم لترك الأمر والإنصراف دونه .
ومن عظيم مواقفه في بدر كذلك أنه قام بدفن موتاهم وأمر بتفريق الأسری بين المسلمين وقال استوصوا بهم خيرا" .

اليوم ..  ومع تفشي ثقافة الكراهية والحقد والانتقام والدموية تشتد الحاجة إلی ترسيخ ثقافة الحب والعفو والتسامح ، لأننا أمام حرب شاملة تحرق الاخضر واليابس  ، ثم لا تبقي ولا تذر ، حرب خرجت عن إطارها التقليدي ،

انها بحق حرب ابادة لكل القيم المحمدية ،  وحرب اختراق وتشويه للرسالة التي جاء بها رسول الله  محمد ص . وامام هذا الخطر الحقيقي الذي يستوعب كل الامة  علی الامة..  كل الامة قياداتها ورموزها وكوادرها ومؤسساتها ومراكزها أن تكون بمستوی هذا التحدي وبمستوی هذه المواجهة ،  بأن ترسخ  وتنشر ثقافة الحب في سماءها وارضها وبرها  وبحرها وبيوتها  ومدارسها وشوارعها وشواطئها

تحتاج الأمة  إلی خطوات نقدية لتقييم مسيرتها ومناهجها وأساليبها وثقافتها .

نحتاج اليوم  وأكثر من أي يوم مضی  بأن نطلق سلاح الحب  ، هذا السلاح السحري الذي يصنع العجائب  ، علينا أن نشعله من الداخل ليزيل صدی الحقد والكراهية من أعماقنا ، ليضيء  حاضرنا ومستقبلنا . ولتكون رسالة الحب هي سلاحنا الحقيقي لمواجهة ثقافة الموت والحقد والكراهية .

                 صباح عباس

الأحد، 21 ديسمبر 2014

في محضر الحبيب...

رويدكم يازائرات.. قصّروا الخطى.. وامشوا الهوينا بسكينة ووقار على ارض وطأتها أقدام الحبيب واشتاقت اليوم الى وقعها الشريف….
دعوا الأرواح تغتسل بطيب التسبيح والتهليل والتكبير وهي تلج جنة المصطفى.. استشعروا روحه الطاهرة تحفّ ارواحكم.. وتغلّف جمعكم بهالة من نور.. قدّموا تحياتكم وسلامكم بأدب واجلال ..واتركوا اللغو والجدال فإنكم في محضر الحبيب…
اعلم بأنكم تتحرّقون شوقا للثم ضريحه واحتضان اعتابه ولكن… أنّى لكم ذلك وقد نشرت المتأسلمة حرّاسها في كل زاوية ..وباتت الأعين تترصد أدنى حركة.. ولكن لابأس عليكم.. كل ذلك بعين المصطفى…
لذا حلّقوا إليه بأرواحكم وانأوا بها عن حدود المكان وماديته واستشعروا حضوره بينكم فهو يسمع الكلام ويرد السلام… فلا ترفعوا صوتا بالجدال.. بل قولوا سلاما كما كان ومازال سلاما للعالمين…
فلتخشع الأصوات عند حضرته ولتأنس القلوب في روضته…
سلّموا عليه سلام محب قد غاله البعد وأضنى قلبه.  لا البعد المكاني انما البعد المعنوي..
أين نحن من منهجية محمد ..أين نحن من حياة عاشها محمد لتكون لنا نبراساً ومشعلاً نهتدي بها.. لكنها للأسف أصبحت فقط كإطارٍ لصورة تعلّق في الجدران.. أو كسطورٍ تْقرأ وتحفظ في طيات الكتب فحسب.. 
أين نحن من محمد اقتداءا .واتّباعا….
اذا يمّمنا أرواحنا شطره.. واكتحلت نواظرنا بشباكه المحضور علينا مسّه..فايّ ألحاجات تحكى. وأيها تسطّر ?? أي الحاجات نطلبها ونرتجي تحقيقها بحقه على الله??
قد يقول قائل.… جئت اليك سيدي بأعبائي  مهموماْ محتاجاً وأرجو أن تتشفّع في قضاء حوائجي..
وقد يقول آخر.. جئت اليك مشتاقاً أرجو شفاعتك يوم الحساب..
لكن الحكمة قد تجري على لسان زائر قد عرف بحق زيارته فيقول… .. .
جئتك سيدي مشتاقاً..لكن اشتياقي ليس اشتياق عاشق يريد أن يكحّل ناظريه.. إنما اشتياقي هو القرب سيدي.. ليس قرب الخطى.. انما قرب القلوب.. اشتياق القرب من قلب محمد الرحيم العطوف.. اريد لقلبي أن يحيا بحب  محمد  وأريد لاخلاقي أن تستقيم بأخلاق محمد.. واريد لعقلي أن يسلك درب محمد… أريد القرب منك يارسول الله..
يوما ما بكى بأبي هو وامي.. فقال له أصحابه:  مايبكيك يارسول الله?  قال: اشتقت لأخواني ..قالوا :أو لسنا إخوانك يارسول الله.. قال: لا انتم أصحابي أما اخواني فقوم ياتون من بعدي يؤمنون بي ولا يروني…
سلام الله عليك أيها الرحمة المهداة. أتبكي شوقا لمرآنا..!! اتبكي شوقاً…!!
أخجل من نفسي وانا أقرأ هذه العبارة.…كيف تشتاق لي..?! ماذا لو عرضت عليك أعمالي وانا في خزي منها.?  ماذا لو رأيتني على حالة من الغفلة عما أوصيت به? .  ماذا.. وماذا. !!!
  أي اشتياق أستحق .??
تبكينا شوقا يارسول الله في دار الدنيا وكانك تقول لنا :  أمتي..  اشتاق قربكم من دين بعثت به لكم بشيرا ونذيرا ..أبكيكم شوقا أن تكونوا كما وصفكم الكتاب خير أمة أخرجت.. أبكيكم شوقا أن تكونوا من انصار ولدي القائم.. . …
وتبكينا يارسول الله خوفاً علينا يوم الحساب.. يوم ان ترانا حفاة عراة فتتوسل الى الله ان يكسينا حللاْ ليستر علينا..  فيستجيب المولى كرامة لك..  

سيدي يارسول الله ذلك اشتياقك لنا.. فما بال اشتياقنا لك.. فما بال اقبالنا عليك اليوم…

سيدي خذلتني ذنوبي وأتيتك مفلساً لا املك إلا حبك.. وحب أهل بيتك فاقبلني يارسول الله أقبلني وقرّبني اليك. … .

ابنة التراب.🌻