رحلة الحياة
بقلم:زكيه ال جعفر.
محال أن تجد طريق معبد نحو الهدف بشكل كامل .. الطريق صعب وطويل ، كدحُ لابد لكل منا أن يسلكه فهناك في أيامنا القادمة وعوالمنا الأخرى لن نملك الكثير من العتاد الذي نستعين به لنشد و نثبت به أنفسنا إن لم ندخر له من آلان. علينا أن نعمل و نثابر رغم المصاعب والآلام .. ومواصلة المسير بعزيمة نغدو فيها بهمم عالية ، نكافح و نحث الخطى بأمل كبير نستلهمه من قوله تعالى (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)
كما فعل ذاك الفتى الذي نُشرت قصته في الشبكة العنكبوتية حين افترش زاوية على أرض محطة القطار ليبيع الأقلام و في ذات يوم مر عليه رجل أعمال و وضع مالًا في كيسه وصعد القطار ، وإذا بنفس الرجل بعد برهة قصيرة ينزل و يتوجه للفتى وبأسلوب جميل يقول له لقد نسيت أخذ الأقلام . قائلًا للفتى : إنك رجل أعمال مثلك مثلي و لديك بضاعة بأسعار مناسبة و انصرف .
أخذ الفتى يكرر مرارًا رجل أعمال جملة أعطته الكثير من الدعم على اثرها عمل كثيرًا وطور نفسه (جملة من كلمتين) لكنها هنا .. ذات وقع محوري، فقد اعطت الفتى تعزيزًا ودعمًا دفعه للعمل .
هي الكلمات الهادفة تروي القلوب فكيف بالمحتاجة منها، زراعة ثمارها تُحصد سريعًا كآيات الكتاب الحكيم التي لها وقعها ومكانتها الكبيرة في التربية.
نحن بني البشر لدى كل فرد منا كمالات و علينا التنبه لها لُتكتشف وتظهر إلى حيز الفعلية والوجود. فقد أجمع العاملين في مجال التنمية بأن العنصر البشري هو العنصر الأساسي الذي تقوم عليه التنمية في كل مكان، ولا سبيل إلى تحقيق النمو الحقيقي إلا من خلاله ببناء العقل وتنمية الفكر والمساهمة في تطوير شخصية الفرد وتعليمه الكثير من المهارات، والبحث عن الطرق الصاعدة المواكبة للتطور. العلمي.
هكذا صدح أذان رسول الله صلى الله عليه وآله في الأمة الإسلامية حيا على الفلاح .. حيا على خير العمل ، لترسخ دعوة الفلاح مؤكدًا عليها بقوله تعالى ( قد افلح من زكاها )
فكانت أقوالًا جُسدت أفعالا لشجاع وقع صدى الآية في نفسه ، وبعزيمة قوية ونفس صافية ورثها عن اجداده .
ثابر وعمل فملك القلوب منذ صغره فكان مصداقًا لما تلقاه من جده رسول الله صلى الله عليه وآله حمل دورًا جوهريًا وكان إنسانًا كوثريًا بطاقة فعاله استثمر فيها قواه وحقق أهدافه باقصى صورها فنال اللقب الذي يحلم ويكافح الكثير لأجل تحقيقه لكنه بتفوق حقق اعلى رُتبه فكان سيد الشهداء.
نحن هنا اليوم بحاجة إلى أب و معلم كرسول الله صلى الله عليه وآله يكتشف المواهب ويساهم في إبرازها بأفضل صورها ، لكنا إن لم نجد الرعاية والدعم من الوالدين أو اكتشاف المواهب من المعلمين .
هل نجعل كمالاتنا حبيسة أجسادنا ؟؟
بالتأكيد سيكون الجواب بالنفي ، فإن كُنا بالفطرة لسنا بحاجة إلى معلم يوضح لنا ماهية وكيفية الشعور بالجوع والعطش ألا تصلح الفطرة ذاتها لتكون مُحركًا لإخراج واكتشاف المكامن الباطنية لكمالاتنا في أنفسنا ؟ يقول أمير المؤمنين عليه السلام: ( أفضل المعرفة معرفة الإنسان نفسه )
ويقول أيضًا : (من تساوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان أمسه أفضل من يومه فهو ملعون ، ومن لم يرى الزيادة في دينه فهو إلى النقصان ، و من كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة )
عند الإستلقاء على السرير مساءً وقبل الخلود إلى النوم علينا أن نحدث ذواتنا ونحاسب أنفسنا هل أضفنا لحياتنا شيئًا جديدًا أم لا؟ ليس هذا فحسب بل فلنجعل أنفسنا مقصرين ومرتكبين لخطيئة إن لم نضف جديدًا لكل يوم .
ولنتمكن من تحقيق نتيجة رائعة علينا اتباع طريقة التعلم الذاتي تاسيًا بمقولة أمير المؤمنين عليه السلام وبهذه الطريقة :
١- تدوين الإيجابي وتنميته
٢- تدوين السلبي وعلاجه أو ازالته.
مع الأخذ بنقطة مهمة تعتبر الفيصل في النجاح وهي عدم الاستسلام ، بجعل النفس في حاجة دائمة . عندها سيظهر الإبداع و يخرج النور منعكسًا من داخل اجسادنا المعتمة .
فلنصارع مع الحياة لننال ما نستحق...
كما كان سيد الشهداء عليه السلام فلنقرأ مواقفه في مواجهة قوى الشر ومواقفه في تهذيب النفس فمذ آمن بأن الشهيد نموذج له المقدرة على احياء المجتمعات استمر بالعمل وجعل نصب عينيه الالتحاق بمعشوقه . لم يستسلم ولم يتوقف واستمر في مسيره إلى أن أريق دمه ودم كل من آمن بفكره و أجاب نداءه في كربلاء .
ومازال شيعتة مُذ ذلك اليوم يهتفون بحسرة (يَا ليتنا كُنا معهم فنفوز فوزًا عَظِيمًا )
نحن اليوم بدم سيد الشهداء أبصرنا قدرة نموذج الشهيد على التغيير والإصلاح بإنتصار الدم على السيف في واقعة كربلاء ، وأن الدين حسيني البقاء لإن رسالة رحلة الحياة لسيد الشهداء وصلت بجودة عالية أدركها الجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق