لماذا الحسين؟
بقلم: منى المسلم
قبل خلق الخلق ،كانت هناك خمسة أشباح نور تسبح الله في الجنة.. أحيانا أمام عرش الرب ،أوفوق العرش أو تحته وحوله ،وفي كل حجاب من الحجب الأثنى عشر،وفي البحار و السرادقات ..
ومن بينها نور تعلق بشجرة في الجنة،وتعلق في أُذن الزهراء عليها السلام فكان أحد قرطيها ،وكان نوراً في ابهام آدم ..كان اسمه في أحد المسامير الخمسة التي جاء بها جبرائيل ليسمر نبي الله نوح جوانب سفينته..
جميع أمهات المعصومين عليهم السلام وقت حملهن يظهر في جبينهن نوراً، ولكن أمه عندما حملت به لم ترى النور في جبينها لأنها نور، وحملها به نور فكان نوراً على نور..
إنه نور الحسين ابن فاطمة..نورليث علي بن أبي طالب.
أوحى الله إلى حور العين والملائكة أجمعين أن تهيأوا لقدوم سبط محمد(ص)،وأن أهبطوا إلى الأرض كرامة لهذا المولود..
عندما عُرج برسول الله صلى الله عليه وآله وبلغ سدرة المنتهى انتهى إلى حجب النور فتخلف عنه جبرائيل فلا يستطيع أن يتقدم ..فزُج رسول الله في النور وبلغ مرتبةً إلى حيث ما شاء الله ،عندها "لقد رأى من آيات ربه الكبرى " آيات الله .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : عندما عرج بي إلى السماء رأيت عن يمين العرش مكتوب "الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة"..
لماذا الحسين هو المصباح، وهو سفينة النجاة التي من ركبها أمن ونجا؟
إن من يريد السفر لابد أن يتزود ويوفر وسيلة النقل المريحة والآمنه، والأهم من ذلك من يقودهذه الوسيلة؟
فالوسائل كثيرة ومتنوعة والطريق مليء بالأخطار والظروف القاسية.
ونحن في هذا الزمن العصيب ووسط الرياح العاتية والأمواج العالية بحاجةٍ إلى وسيلة تضمن لنا النجاح وإلى قائدٍ فذ متمكن،
ولكي لانقع ومن ثم نغرق في ظلمات الجهل والعقيدة فإننا بحاجة إلى من ينتشلنا من ذلك وينير دربنا..
ولا شيء هناك إلا سفينة الحسين ، والالتحاق والتمسك بها هو سبيل النجاة..
فكما في سفينة نوح لم يركبها إلا كل من آمن بالله ،فكذلك سفينة الحسين لا يركبها الا كل من عرف حقه واتبع نهجه وتحلى بأخلاقه.
سئل الامام الصادق"ع":ألستم أنتم سفن النجاة؟
قال :كلنا سفن النجاة ألا أن سفينة الحسين أوسع وفي لجج البحار أسرع"
فأي عظمة تجلت في هذا المخلوق؟
فكل القيم تتمثل في حب الله ومعرفته وقد جسدها (عليه السلام)وبرزت في كربلاء وهو القائل :"إلهي ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك“
أخلص العمل لله،فأخلص الله له ود المؤمنين وحبهم وجعل قلوب الكثير منهم تهفو اليه.
كان يزداد اشراقاً رغم أن قلبه يتفطر ألماً لرحيل أبنائه وأحبائه،فلو كان عنده ألفٍ من الأبناء لما تردد أن يضحي بهم في لحظة واحدة في سبيل الحق وإعلاء كلمة الله.
فالاسلام محمدي الوجود حسيني البقاء..
فهو خير من طبق الآية"أن أقيموا الدين"،"وماوصى به نوحاً وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد(عليهم السلام)
ولولاه لماكانت صلاة ولا صيام،فهو من حفظ الاطروحة الكاملة للإسلام الذي جاء به جده محمد.
لقد حُرفت جميع الديانات والشرائع وانتهت، لكن الشريعة المحمدية والدين الاسلامي حُفظ بدماء سيد الشهداء..
إن قيمته تكمن في أنه كان مخلصاً ،صفياً..
نعم ..إن خصوصية الإمام الحسين فيه وفيما قدمه وفيما أعطاه وفي الأثر الذي تركه.
فمقامه لايمكن الإحاطة به وفهم أسراره من قِبل عقولنا المحدودة..
فلا يقاس مقامه ببحرٍ ولا أرضٍ ولاسماء..وأن لطاقاتنا الفكرية المحدودة أن تدرك عظمة هذا الامام؟
أعطى الله كل مايملك فأعطاه الله كل شيء فكان ذكره باقياً ..
فكما أن القرآن باقي لايبلى ، فكذلك الحسين باقي لايبلى ..
إنهاقضية غيبية وليست بشرية..فلا نستطيع القول سوى أنه الحسين وكفى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق