بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 25 ديسمبر 2019

صناعة مختلفة

صناعة مختلفة
بقلم: ليلى الصادق

إن حياة الكائن الحي كاملة مختصرة بين فكر وحركة .فنحن ماإن ننفتح على الحياة وتبدأ حواسنا بالعمل. حتى يتنفس  الذهن حينها.فيستنشق الأحداث ليطلق زفيرها أفكار.
وهذه سنة الحياةللوجود كله مع إختلافات بسيطة بين العاقل منها وبين من لا عقل له.
فالإنسان لايملي عليه فكره أحد .فهو يعتنقها باختياره ويهجرها باختياره ايضا.
اما ماتبقى من كائنات فأفكارها مخزنة معها منذ وجودها فهي مبرمجة عليها.
فالتوحش مثلا فكر  صيغت على أساسه نمط حياة الحيوانات البرية.
والهجرة فكر تواجه به الطيور المهاجرة ظروف العيش المتقلبة.
وهكذا...
إذن نحن الوحيدون أصحاب الخيار على هذا الكوكب...وهذا امتياز وكل الامتياز لابد له من ضريبة.
وضريبة الفكر هي تحمل مسؤوليةرفع شعاره.
وفي منطقة الشعار يجتمع العقل والقلب معا.
فالشعار ينبثق من ذهن ليؤثر في ذهن آخر. آخذا بزمام القلب معه.
فالتاريخ ماصاغه العظماء الا بالشعار
والدين مانادى البشرية الا
 بالشعار.
والإنسان ماحاز إنسانيته إلا بلسان الشعار...هذا جزء من الحقيقة
ولكن الحقيقة كاملة تقول/كما ان هناك 
شعارات انتصرت لأصحابها هناك أخرى خذلتهم

فماهو السر؟
ولم بعض الشعارات يفتح لها الإنسان داخله على مصراعيه
والبعض الآخر لايعدو كونها نفاية موطنها منفاها؟
هذا يعني أن للشعار وجود قد يكون مقبول او مرفوض.
وهذا الوجود ليتحقق عليه أن يمر بمراحل ينمو من خلالها بسلاسة .فالطفرات وتخطي المراحل تعجل بحتف الشعار.
وهذا النمو يبدأ من ذهن صاحب الفكرة حتى تكون الولادة على أرضية تتم تهيئتهامسبقا.
فالشعار لايطرح الا اذا سبقته افكار تمهد له .والتي عادة تصطدم مع قناعات لأناس لايسمحون لك بالعبور داخلهم


هذا كله لنؤمن للشعار حركة آمنة.
واذا ماكتب له البقاء عندها سيدخل مرحلة المواجهة بالفكر القديم .ومدى  نجاح هذه المرحلة مترتب على سابقتها .
فالشعار في هذه المرحلة له خاصية ابتلاعية .فهو ماإن 
 يتفوق على الفكر القديم حتى يبتلعه فيزداد بذلك قوة وحجما .فكأنما يتغذى على مصارع الأفكار.فلا يبق على أرض الواقع غيره.

هذا كله لتصل الرسالة التي تعهد الشعار بأن يلامس بها فكر وشعور الآخرين.
وماإن تصل الرسالة حتى تتحول الى دعوة ثم الى حكم وقضاء يفرض قوانينه .
ليغدو  دستور..
 بدأ كفكرةفي ذهن صاحبه العظيم .
ذاك العظيم الذي لم يطق اصطناع الحياة .بل أراد ان يحيا واقعا .
لذا فقط كان الشعار لسان الأنبياء والأولياء .فقد واجهوا الكفر بشعار التوحيد .
وهاهو دستور الحياة
(القرآن)مليء بالشعارات والتي كانت لها اليد العليا في تكوين رؤانا وأفكارنا.
فهاهو يخاطب المؤمنين قائلا(ياأيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كافة)
هذا شعار يبعث على الإطمئنان والراحة.
فهذه الآية زاخرة بالعاطفة التي تزرع مشاعرنا في مناخات رائعة.
ولكن شعارات القرآن لم تكن حكرا لهذه المشاعر الدافئة.
فمنها ماكان حاد ملتهبا ساخنا.
حرارة تكتسح المشاعر كقوله تعالى (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة).

أمران اجتماعهما ضرب من الخيال.
ولكن هناك من عاش الضربين معا.
(انه الحسين بن علي)
وفي لحظات الحرب الدامية الحمراء.
كان يحيا ذروة الاطمئنان بالله.
ولا عجب أن يكون...
فهو ماخرج من مكة الى كربلاء إلا ليطلب الإصلاح في أمة جده .
جده الذي مهد بنبوته  لإمامة أهل بيته.
من هنا فإن اي كلمة  ينطق بها الإمام الحسين فهي كلمة الله.
فهو من تراجمةوحي الله و الكتاب الناطق للقرآن الصامت.
اي ان أقواله تتعدى مرحلة الشعار لتصل الى مرحلة القضاء الآلهي والمطلب الرباني.
الذي غير تضاريس الحياة .ورسم خارطة أخرى حدودها الله وسقفها الكمال باطنها أصيل وعمقها لايناله ضئيل.
انه المكان الذي لايطؤه إلا من حمل شعار 
(اني لاأرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق