اللهم اجعلني من الشاكرين لآلائك
ما إن تمضي بضع ساعات وينتهي مفعول العلاج الذي يتناوله يومياً حتى يعود لحركته الأشبه برفرفة الطيور.
فهو مفعم بنشاط مفرط،وتشتت انتباه،وعدم تركيز.
لايعبر عن آلامه أو حتى رغباته،يكره أن يغير نمط حياته أويبتعد عن الأماكن التي اعتاد عليها.
ورغم ذلك فلديه روح تنافس الملائكة في شفافيتها،ويكن في طياته طيبةً أرق من النسيم على وريقات الشجر ،يملك جوهر الوفاء والإخلاص.
إياك أن تغضب ،أوتضرب، أو تتشاجر مع أحد أمامه،فلن يقبل ولن يسمح لك بذلك ،وهذا مايثير غضبه.
كل هذا الطباع اتسمت بها شخصيته البريئة .
عمره الآن خمسة عشر عاماً، ولكن ذكاءه ربمالطفلٍ لم يتجاوز الأربع سنوات.
ففي بداية السنة الدراسية لهذا العام بقي ينتظر باص المدرسة لساعتين ونصف ، في جو شديد الحرارة والرطوبة دون أن أعلم.
لاأخفي عليكم كم شعرت بالضيق والضجر...
كيف له أن يتحمل الوقوف هذه المدة وفي هذا الحر؟
ولكن عندما تفوه والده بقوله:الحمد لله.
قلت: الحمد لله.
عندها شعرت بأن هناك شيئاً أثلج صدري.
الحمد لله..عندي ما لا يملكه غيري أويحلم به.
لدي ولد يعتمد على نفسه في نظافته ،بينما هناك من هو طريح للفراش ويجلب لأهله التعب من أجل نظافته.
الحمد لله..إبني كامل الخلقة ،وحسن الصورة ،وجميل الخُلق.
الحمد لله ..إنه بعافية تامة،فأي طفل يولد في مثل الظروف التي ولد فيها قد يكون معوقاً ،
ولا أنسى كيف كان لونه مائلاً للبنفسجي ،لأنه لم يلفظ أنفاسه الأولى ويبكي كبقية المواليد.
لم أسمع صرخاته الأولى وهو يقبل على هذه الحياة...كما لم أسمع صرخات أخيه الأخيرة وهو يودع هذه الحياة.
وكلاهما كانت الأيدي تقلبهما ليبكيا،وفي كلتا الحالتين لم أيأس من رحمة الله بهما،فما يكون لهما هو لطف من الله وخير لي ولهما.
الأول.. أطلق أولى صرخاته ليستقبل بها الحياة بعد عمل غسيل للمعدة له،لتقر عيني بإبن لي بعد فتاتين ،وبعد مرور سبع سنوات تخللتها فترات من العلاج أتحفني الله بعلي، لأسجد لله شكراً على هذه النعمة.
وبعد سبع سنوات أيضاً رزقت بالثاني...محمد.
وفي بداية السنة السابعة من عمره وبعد جهد الجميع وجهد الأطباء، إلا أن محاولاتهم باأت بالفشل لإطلاق صرخاته ،
فأبت إرادة الله إلا أن تكون ووحه محلقة في عالم الملكوت ،في جنة الفردوس مع الولدان المخلدين ،لأسجد لله شكراً على هذه النعمة.
نعم..نعمة لم يحظى بها غيري.
ليبلوني أأشكر؟...ليبلوني أأصبر؟.
إنها هبات الباري التي يتحفنا بها كل حين..
ولازالت صفحات حياتي تزدحم بتلك النعم التي لاتحصى وبذلك المداد الإلهي الذي لاينتهي،وكما أمرناالله تعالى في قوله"وأما بنعمة ربك فحدث".
اللهم اجعلني من الشاكرين لآلائك،ومن الصابرين على بلائك ، ومن الراضين بقضائك.
..........
منى المسلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق