نشأة السيدة زينب وتربيتها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله أجمعين
(في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال)
في ذلك البيت الطاهر المقدس كان مسقط رأس الطهر زينب الحوراء ففي السنة الخامسة للهجرة استقبل البيت العلوي الفاطمي بكل فرح وسرور الطفل الثالث من أطفالهم وهي البنت الأولى للإمام علي عليه السلام والسيدة الزهراء ففي اليوم الخامس من شهر جمادى الأولى فتحت الطهر زينب عينيها لترى أنوار إلهية وأملاك على هيئة بشر في دار يشرف عليها سادات الكون ولما ولدت جاءت بها أمها الزهراء لأبيها وقالت سمها فقال ماكنت لأسبق رسول الله وكان في سفر له ولما جاء الرسول صلى الله عليه وآله من سفره وسأله أمير المؤمنين عن اسمها قال ماكنت لأسبق ربي تعالى فنزل جبرئيل على النبي وأقرأه السلام وقال له سم هذه المولودة زينب فقد اختار الله لها هذا الإسم . وقد قيل في معناه قولين
هي كلمة مركبة من (زين ) و(أب)
إن اسم زينب كلمة بسيطة وليست مركبة وهو اسم لشجرة أو وردة
وبعد أن أخبر جبرئيل الرسول باسمها أخبره بما يجري عليها من مصائب فضمها الرسول ووضع خده على خدها وبكى بكاء شديدا فقالت فاطمة مم بكاؤك لاأبكى الله عينيك ياأبتاه ؟ فقال يابنتاه يافاطمة إن هذه البنت ستبلى ببلايا وترد عليها مصائب شتى يابضعتي وقرة عيني إن من بكى عليها وعلى مصائبها يكون ثوابه كثواب من بكى على أخويها وتذكر بنت الشاطئ (من العامة) في كتاب لها أنه لما ولدت السيدة زينب أقبل المهنئون من بني هاشم والصحابة يباركون هذه الزهرة المتفتحة في بيت الرسول لكنهم فوجئوا بظلال حزينة تلف المهد الجميل فقد حدثوا أن نبوءة ذاعت عند مولد الطفلة تشير إلى دورها الفاجع في مأساة كربلاء ,ومما تذكره كتب التاريخ أن الرسول حينما حمل حفيدته استحضر صورة جدتها خديجة عليها السلام تقول إحدى الروايات مشيرة لذلك (فضمها الرسول إلى صدره وأخذ يقبلها ثم قال أوصيكم بها فإنها شبيهة جدتها خديجة الكبرى) فيا ترى هل رأى الرسول في وجه زينب الصغيرة ملامح وشمائل جدتها أم أنه قرأ دور زينب الرسالي في وقوفها إلى جانب أخيها الحسين في الزمن الصعب والمهمة الشاقة فرآه مطابقا لدور جدتها خديجة في الوقوف معه ,وإذا كانت خديجة تمتلك تلك الموقعية المميزة في قلب رسول الله بحيث يقدر ويحترم أقاربها وأصدقاءها وفاء لها فكيف ستكون موقعية زينب في نفسه وهي حفيدة السيدة خديجة وبضعة بضعته الزهراء .لقد حظيت السيدة زينب برعاية متميزة ورفلت في أحضان جدها وأبويها منبع الرحمة والحنان وترعرعت في جو يغمره العطف والحنان وتسوده المحبة والصفاء والإنسجام فعمدا البيت علي وفاطمة كانت علاقتهما قمة في الصفاء والمودة فالإمام كان ينظر للزهراء فتنجلي عنه الهموم والأحزان ولاتخفى علينا علاقة الرسول صلوات الله عليه مع ابنته الزهراء ومع ابن عمه ومع أبنائهما فلم يعهد لوالد أن يعامل ابنته وأحفاده كماكان رسول الله يعاملهم فقد غمرهم بعواطفه وحنانه كان إذا زارهم في بيتهم أو زاروه في بيته يعطر خدودهم بقبلاته ويلصق خده بخدودهم ويعلم الله كم حظيت السيدة زينب بهذه العواطف والمشاعر الحانية فكم وضع خده المقدس على خدها وكم أجلسها في حجره وكم تسلقت زينب على أكتافه وكم كان جدها كان أبويها فقد حلت في أوسع مكان من قلب أم من أكثر الأمهات حبا وحنانا لأولادها وعاشت في روح أبٍ هو بلسم شافي وكهف للأرامل واليتامى فقد حظي الأبعدون بعواطفه فكيف إذاً هو مع ابنته ونور عينيه هكذا كانت أجواء البيت العلوي تنبض بالحب والرحمة والإنسجام بين أفراده فإذا عاش الطفل في أجواء عائلية يسودها الحب والإحترام المتبادل بين أفراد البيت الواحد فإنه ينشا طفلا سوياً قادراً على الحب عطاء والتعاون والإنسجام مع الآخرين هكذا عاشت وترعرعت السيدة زينب عليها السلام في أجواء ملؤها الحب ل والإحترام في بيوتٍ يذكر فيها اسم الله ويسبح له فيها بالغدو والآصال ,في بيت رسالي ماكان يدور غير الإهتمامات القيمية المبدئية فجدها رسول الله قائد الأمة وعائلتة السيدة زينب عليها السلام في موقع القيادة والقلب فقد عاشت عليها السلام فترة طفولتها في بيتٍ تموج فيه هموم مجتمعها وانقضت أجمل خمس سنوات من عمر زينب كلمح البصر وما أن دخلت السنة الحادية للهجرة وتصرمت أيام شهر صفر إلا وشمس السعادة في بيت زينب قد آذنت بالغروب فقد مات جدها المصطفى وبدأت مشوارها الطويل في الأسى واللوعة فقد عايشت أمها الزهراء وهي تقاسي من ألم الفراق ورافقتها عندما خطبت خطبتها بعد وفاة رسول الله وشهدت بل وعاشت مأساتها بكل تفاصيلها ثم فقدتها وهي في أمس الحاجة إليها وبعد رحيل الزهراء أصبحت زينب هي ربة البيت على صغر سنها ترعى شؤون أخوتها فقد تحملت مسؤلية بيت الإمام علي وعاشت في خضم المشاكل والأحداث فالأقدار تتواثب عليه من كل حدب وصوب وقلب زينب يتسع أكثر فأكثر وصيغت شخصية السيدة زينب صياغة جعلتها أنموذج المرأة الكاملة المثالية فكانت أنموذجا يمشي على قدمين من والعفة والعلم والفصاحة والبلاغة والحكمة والشجاعة وقوة النفس وعزتها والإيمان والتقى وهكذا إلى بقية فضائلها وحري بنسائنا أن يتخذنها قدوة وخطة حياة ومنار نستنير بهداه
المصادر :
السيدة زينب من المهد إلى اللحد للشهيد محمد كاظم القزويني
المرأة العظيمة لحسن موسى الصفار
......
الاخت ندى الخلف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق