الإعلام الشيعي بين السلب والإيجاب:
تاريخ نشوء الإعلام ، والإعلام الشيعي على وجه الخصوص.
للإعلام دور بارز في بيان الحقائق والدلائل والمعلومات ، وكلٌ بحسب طريقته التي يتبعها لإيصال صوته ورسالته المنشودة .
ما هو الإعلام ؟
الإعلام كلمة اتسع مدلولها لدرجة أنه أصبح من الصعب تعريفها.
البعض عرفه على أنه الإتصال بين المرسل ( إعلامي ) ، والمستقبل ( الجمهور ) ، عن طريق وسيلة إعلامية تنقل بواسطتها الرسالة الإعلامية من طرف لآخر.
والبعض قال هو نشر المعلومات بعد جمعها وانتقاءها.
أما في اللغة فكلمة إعلام هي مصدر من أعلم يعلم وأخبر يخبر أي أخبر بخبر معين ، فتداول الناس للأخبار والأحداث اليومية فيما بينهم يندرج تحت هذا المفهوم اللغوي لكلمة الإعلام ، فتناقلهم للأخبار يسمى إعلاماً في اصطلاحات اللغة العربية.
وقد بدأ الإعلام مسيرته في المجتمعات البدائية بالإعتماد على الوسائل الفطرية البسيطة في القول والإستماع ، حيث كانت محادثة الناس مع بعضهم البعض أول شكل من أشكال الإعلام والإتصال ، وكانت وسائل الإعلام إذ ذاك لا تتجاوز الفم والأذن ، ثم تطورت الوسائل إلى دق الطبول والمزامير ، وإشعال النيران في المرتفعات والمناداة منها وفي الساحات العامة .
وقد تمثل الإعلام في المجتمعات البدائية القديمة في عدة صور أبرزها ما يلي :
1- صورة الديدبان أو المراقب الذي يتولى عملية المراقبة من فوق قمم الجبال وإنذار عشيرته أو قبيلته بالأخطار المقبلة أو الكوارث التي توشك أن تلحق بها ، وإبلاغها بذلك لتأخذ أهبتها لمواجهة العدو والدفاع عن نفسها.
2- صورة الحكيم المشير ، حيث كان من أكبر رجال القبيلة سناً وأكثرهم خبرة وأغزرهم معرفة بحوادث الأيام ومغازيها ، والأساطير السائدة في البيئة والمعتقدات والتقاليد ، وإليه يلجأ أفراد القبيلة للإستشارة وطلب النصح.
3- صورة المعلم المربي ، ويتم اختياره من بين أكثر أفراد القبيلة علماً ، لكي يقوم بتربية الأطفال وتنشأتهم النشأة الإجتماعية الصالحة.
4- صورة القاص الذي يربي النفوس ويروح عنها بالقصة التي كانت وسيلة الترفيه ، وتولاها الرواة الذين كانوا يحكون القصص الشعبية والأساطير وغيرها.
كانت هناك أيضاً بعض الأشكال البسيطة التي كانوا يستخدمونها قديماً ، وهي استعمال الرايات والأعلام والمشاعل والحمام الزاجل ، كذلك استخدام الشائعات كما حدث لدى اليونانيين القدامى ، أما الفراعنة أو البابليين سلكوا طريقاً آخر لنشر الأفكار أو الأنباء ، وذلك بحفر الأوامر والتعليمات الدينية في المعابد والأحجار التي تنصب في الميادين ، ولم يكن الأمر مقصوراً على الأمور الدينية فقط ، حيث تجاوز ذلك إلى نشر الأخبار الرياضية والعسكرية ، وخاصة تلك التي تتعلق بالفتوحات وغير ذلك من الأمور الأخرى ، ولعل ماابتدعه الإنسان في مجال الإتصال الجماهيري هو الكلمة التي ظلت تتطور مع تطور الإنسان واتساع مفاهيمه ومعارفه ، كما ظل الإنسان يتقن في انتقاءها وإلقاءها فكوَّنَ الإنسان منها نظرة الإعلام المباشر أو الإتصال الجماهيري.
ومنذ أول حوار بشري بين شخصين أو طرفين وهما آدم وحواء ، تكونت أول عملية إعلامية واتصالية بين طرفين تم خلالها إما نقل أفكار من طرف إلى طرف آخر أو تبادل معلومات ، وبذلك يمكننا أن نقول إن الإعلام هو أول علم تم استخدامه بين بني البشر ، وهو بذلك يصبح أباً للعلوم.
وتطور الإعلام وتطورت وسائله وأساليبه وأدواته وأصبح واقعاً لا يمكن لبني البشر أن يتخلوا عنه ، بل أصبح الإعلام هو المحرك الأساسي للرأي العام والمرآة العاكسة للأحداث.
ومع مطلع القرن العشرين ، وقيام الثورة الصناعية كان الإعلام أكبر المستفيدين منها ، حيث تفتق ذهن العلماء وأرشدهم تفكيرهم إلى الحاجة لإيجاد وسائل إعلامية أكثر سرعة من الوسائل الإعلامية التقليدية المتوفرة لديهم.
وبدأ عصر التكنولوجيا الإعلامية التي أحدثت نقلة واسعة وسريعة في مفهوم وأهمية الإعلام وغيرت في نمط أدواته ، حتى صار الإعلام اليوم جزءاً مهماً من نشاطنا وحياتنا اليومية ، وصار المواطنون أكثر ارتباطاً بوسائل الإعلام التي صار تتفنن في نقل الاخبار والمعلومات ومتابعتها .
ولم يقف العقل البشري عندما وصل إليه ، بل أدى حماسهم في اقتحام المجهول إلى اختراع الراديو الذي كان ومازال وسيلة مهمة من وسائل الإعلام ، وانتشرت الإذاعات في أصقاع العالم ، وأصبح الراديو منافساً كبيراً للصحافة لكنه لم يقض على وجودها بل زاد من أهميتها.
وبعد ذلك وصلت الثورة الصناعية في أوج قمتها ، وأثمرت أخطر اختراع في وقتها وهو التلفاز والذي أدى بشكل مباشر إلى تغيير الكثير من المفاهيم والأسس الإجتماعية في حياتنا أكثر من وسائل الإعلام المختلفة ، وظل العالم مبهوراً بهذه الشاشة الصغيرة المرئية ولايزال ، وتطور التلفاز وتعددت أغراضه ووسائله ، ومع ثورة الأقمار الصناعية انتقلت فكرة التلفاز من مجرد شاشة محلية إلى محطات وقنوات فضائية يتابعها ملايين البشر وتنقل الأخبار والأحداث أولاً بأول للمتلقي من موقع الحدث.
ولم تقف تكنولوجيا الإعلام عند هذا الحد بل تخطته بمراحل كثيرة ، وكان الإعلام دائماً من أكثر المستفيدين من تطور عقل بني البشر ، ومع ظهور الإنترنت أصبح الإعلام بلا منازع أهم وأخطر صناعة تسعى دول العالم جميعها لامتلاكها.
وإذا القينا نظرة على حياة أهل البيت عليهم السلام نجد أن الإعلام كان واضحاً بشتى الوسائل في زمانهم ، فقد كانوا يمارسون إعلاماً قوياً وبالأخص ضد السلطة الظالمة ، حتى مع بداية المبعث النبوي كان النبي صلى الله عليه وآله يرسل البعض من أصحابه إلى البلدان المجاورة ليعرضوا الإسلام عليها ، فهذا كان نوعاً من أنواع الإعلام ، كذلك خطبة السيدة الزهراء عليها السلام كانت إعلاماً بارزاً في تبيان الحقائق حيث اشتملت على جوانب عديدة بالإضافة للمطالبة بالحق ، ومن بعدها ابنتها زينب عليها السلام مع ابن أخيها زين العابدين عليه السلام ، عندما وقفا بكل شموخ وإباء وعزة أمام الطاغية لعنة الله عليه ، فاضحين قبح أفعالهم بعترة النبي صلى الله عليه وآله معرفين من حولهم بعظم منزلتهم ومقامهم السامي الرفيع ، فقد أحدثوا ضجة إعلامية كبيرة واسعة انفضح فيها ذاك النظام الجائر.
ولو سلطنا الضوء على الإعلام الشيعي بالخصوص متى نشأ وظهر ؟؟
واجهت الطائفة الشيعية منذ قدم التاريخ حصاراً إعلامياً بدءاً من عهد بني أمية تمثل في حملة شرسة ضد مذهب أهل البيت عليهم السلام ، وتلفيق كل ما هو محرف ومشوه لعقائدهم ، وتصفية ومطاردة لمعتنقيه في كل زمان ومكان.
فقد عاشت هذه الطائفة حالة التهميش والعزلة عن المحافل الإعلامية بسبب الظروف السياسية والإجتماعية التي يعيشها اتباع الطائفة في كثير من دول العالم مما أعطى الفرصة لكثير من وسائل الإعلام المتشددة لا سيما القنوات الفضائية منها في رسم صور مفبركة ومشوهة عنهم وعن عقائدهم وتكريسها في عقول عامة الناس .
وحتى بعد مرور 1400 سنة لا زالت الطائفة الشيعية التي تمثل شريحة كبيرة من المجتمعات العربية تعاني من حملة التشويه التي تبنتها جماعات ودول ضمن منهج إعلامي مدروس ومقنن ليس على مستوى عربي فحسب بل على مستوى دولي وعالمي ، لكن الظروف السياسية المتغيرة والمتلاحقة وخصوصاً أحداث العراق ولبنان أدت لدخول الطائفة الشيعية المعترك السياسي كأطراف رئيسة في معادلات مصيرية ، وأخرجتهم بالتالي للواجهات الإعلامية تحت إطار فرض الواقع المفترض.
وقد أخذت بعض القنوات الدينية تظهر للإعلام العالمي وذلك يرجع لعدة عوامل فرضتها الظروف الإجتماعية والأحداث العالمية خاصة ما بعد أحداث 11 سبتمبر ، فانتشرت القنوات الدينية بشكل كبير حتى في الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية.
إذن من خلال هذه المعلومات البسيطة ، تبين لي أن الإعلام الشيعي لم يظهر بسهولة ، فقد واجه معاناة ومصاعب إلى أن ظهر للعيان بشتى الوسائل والإمكانات .
.............
المصادر
- موقع اقرأ العربي
- مجلة الحوار
- منتدى بوابة العرب
...........
الاخت
وفاء قريش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق