بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 مايو 2016

مقامات السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام

مقامات السيدة فاطمة الزهراء (ع)

في عصرنا الحديث ، عصر الوعي والثقافة ، عصر التقدم والإنفتاح العقلي ، هل يعد التصديق لبعض الأمور الخارقة للعادة تخلفاً ورجعية ؟!

وهل يتنافى ذلك مع الوعي والثقافة ؟!

وهل كل ما لا يستوعبه العقل هو باطل ولا بد من رفضه بدعوى التعقل والثقافة ؟!

الإسلام دين العقل يدعو للتفتح الذهني وعدم الإنجرار خلف العادات والموروثات ، ويذم في آياته أقواما زهدوا في استخدام عقولهم كما يحث في كثير من آياته على التأمل والتفكر وإعمال العقل ،وعلى ترشيح ما يسمعه أو يقرأه الإنسان واختيار ما يراه مناسبا .

وفي الوقت ذاته يدعو الإسلام للتسليم لكل ما تطرحه الشريعة السمحاء وإن لم تستوعبه عقولنا " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما"

لذا وجب التسليم والإنقياد المطلق لله ولرسوله الذي ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، ولأهل بيته الذين لا يخالفون رسول الله قيد أنملة.

ومن الأمور التي يجب التسليم بها هي مقاماتهم سلام الله عليهم إذ أنها مقامات سامية قد لا يدركها العقل

في حديث عن أمير المؤمنين يصف مقامتهم سلام الله عليهم : " لا تجعلونا أربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم فإنكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته فإن الله قد أعطانا أكبر وأعظم مما يصفه أوصَفُكم أو يخطر على قلب أحدكم "

ولا عجب إن كرمهم ا لله تعالى وفضلهم وأعطاهم من الكرامات والمقامات العالية فقد أعطى من هم دونهم فمن باب أولى أن تكون لهم الأفضلية في الحظوة بهذه المقامات .

يقول الله سبحانه وتعالى  في حديث قدسي مخاطبا نبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : " يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولولا علي لما خلقتك ، ولولا فاطمة لما خلقتكما "

مقام سامي نالته سيدة نساء العالمين هو كونها علة غائية لخلق الكون .

فما معنى هذا الحديث الشريف ؟!

بداية قد يستغرب السامع لهذا الحديث ولكن هي ليست علاقة مفاضلة بين الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، والإمام علي عليه السلام ، وفاطمة صلوات الله وسلامه عليها وعلى بنيها ، إنما هي علاقة تكاملية ( تعدد أدوار ووحدة هدف ) ولبيان معنى الحديث نسأل سؤال مهم :

ما هي العلة من خلق الكون والأفلاك ؟

القرآن يجيبنا على هذا التساؤل وهو أن الله سبحانه خلق الكون والحياة من أجل الإنسان " وسخر لكم الشمس والقمر وسخر لكم الليل والنهار"

وإذا سألنا: لماذا خلق الله الإنسان ؟

يأتينا الجواب أيضا من القرآن " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " خلق الله الإنسان ليدرج في مدارج

ولأن الكمالات أمر معنوي فإنه من الصعب على الإنسان أن يصل بمفرده ، وأن يكتفي بإرشادات عقله إلى الطريق الصحيح فكان لا بد من قائد وكان هذا القائد هو النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم فلولاه لما خلق الله الأفلاك,ولايتكامل هذا الدين إلا بولاية أمير المؤمنين (ياأيها الرسول بلغ ماأنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) فكان كمال الدين بولايته (ع) وذلك بتنصيبه يوم الغدير ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) فلو لم ينصب الرسول علياً خليفة فكأنه لم يبلغ الرسالة لأن إيمان الفرد وعبوديته لا يتحقق إلا بولاية أمير المؤمنين وبهذا يتضح معنى ولولاعلي لما خلقتك .

أما معنى ( ولولا فاطمة لما خلقتكما ) ذلك لأنه لو لا فاطمة (ع) لما قام بعد النبي (ص) للدين عمود ولااخضر له عود وذلك من عدة وجوه :

أولا : لكونها الوعاء الوعاء الطاهر للأئمة وصلاح العالم يكون بأبناءها والمهدي الذي يصلح العالم كله من أبناءها

ثانياً  : كان لها دور أساسي في حفظ الدين والرسالة حيث أن رسول الله (ص) قد خطط لحفظ هذه الرسالة بتنصيب أمير المؤمنين (ع)خليفة ولكن الأمة انحرفت عن مسارها بما حدث في السقيفة فكان لابد للإمام علي من وسيلة لحفظ الرسالة فاختار أن يقوم بعمل سلمي سياسي اتباعا لوصية رسول الله حيث أن الثورة والسلاح ستؤدي لمعركة لن تكون نتائجها في صالح الدين فاختار العمل السلمي السياسي لتعرية السلطة الحاكمة فكانت فاطمة الزهراء عليها السلام هي المتصدية لهذا الدور بحسب الخطة العلوية التي خطط لها الإمام علي والحكمة في ترشيحها لهذا الدور هو ماكانت تتمتع به من مكانة خاصة عند المسلمين باعتبارها حبيبة رسول الله وابنته الوحيدة ولكثرة ماأورده رسول الله (ص) في حقها أمثال ( فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني )

(إن الله ليغضب لغضبها ويرضى لرضاها) وغيرها من الروايات فكان لها دور رئيسي في الدفاع عن خلافة وولاية أمير المؤمنين (ع) عن طريق مواقفها المتعددة كخطبتها الفدكية وغيرها من مواقف معارضة بينت فيها اعتراضها ومن ضمن ماقالت (ع) :(ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة والدلالة ) وبهذا تكون الزهراء قد ذادت عن الإمامة التي بدونها لايتم هذا الدين وهكذا اتضح كيف أن الزهراء هي علة غائية في ارساء قواعد هذا الدين

ثالثاً: كونها حجة على الأئمة يقول الإمام العسكري (ع)):نحن حجج الله على خلقه وجدتنا فاطمة حجة الله علينا) ولتوضيح معنى الحديث الشريف نبين أولا معنى الحجة : الحجة هي كل شيئ يصلح أن يحتج به عى الغير

 والحديث يحتمل ثلاث معاني :

1/المعنى الأول:

 إن الله احتج بها على الأئمة قبل أن يحتج بها على الخلق وبيان ذلك إن حجية الحجة على قسمين

*بين الله وبين خلقه كما في سائر الأنبياء حيث احتج بهم على الخلق

*أوسع وأعمق وهو حجية النبي والأئمة والزهراء حيث احتج الله بهم على الرسل قبل أن يحتج بهم على الخلق وهنا أراد الإمام العسكري (ع) أن يقول أن لفاطمة درجة من الحجية بحيث احتج الله بها على الأئمة المعصومين

2/المعنى الثاني:

أن المراد بحجيتها (ع) هو حجيتها في بعض العلوم التي لم تصل إلى الأئمة إلا عن طريق السيدة فاطمة عليها السلام حيث ورد في الرويات  الصحيحة أن الزهراء (ع) بعد وفاة النبي (ص) غم وهم شديدين فنزل عليها ملك يسليها ويحدثها عن معلومات تاريخية بما سيحدث مستقبلا وبما سيحدث لأبنائها وذريتها ليوم القيامة

وبعض هذه الروايات ظاهرها إن هذه المعلومات كانت (علم تأويل القرآن ) ثم انتقل هذا العلم للإمام علي عن فاطمة ثم إلى باقي الأئمة وهكذا كانت حجة على الأئمة

3/ المعنى الثالث :

إن هذه الرواية تتعلق بعالم الأنوار بمعنى أنه عندما خلق الله نور النبي (ص) والإمام علي (ع) وهما أول نورين خلقهما الله عز وجل أودع في هذين النورين جميع مظاهر أسمائه وصفاته ( الرحمة ,العزة , العلم ,الحلم وغيرها من الأسماء والصفات فأصبح النوران مظهرا لأسمائه وصفاته ثم جمع النورين في البتول (ع) فكانت مجمع نور النبوة ونور الإمامة ثم خلق الأئمة فأطلعهم على نور فاطمة فكان نور فاطمة مظهرا لأسماء الله وصفاته بالنسبة للأئمة المعصومين فلذلك عندما يقول الإمام العسكري (ع) (وجدتنا فاطمة حجة الله علينا ) فمعناه أن نورها كان حجة علينا بلحاظ مضهريته لأسماء الله وصفاته من عالم الأنوار وتدرج لعالم الملكوت ثم لعالم المادة  

ومن مقامات الزهراء (ع) مقام الشفاعة الكبرى فاذا صارت عند الجنة تلتفت فيقول الله عز وجل يابنت حبيبي ما التفاتك وقد أمرت بك إلى جنتي  فتقول يارب أحببت أن يعرف قدري في مثل هذا اليوم فيقول الله يابنت حبيبي ارجعي فانظري من كان في قلبه حب لك أو لأحد من ذريتك خذي بيده فأدخليه الجنة قال أبو جعفر (ع ) والله ياجابر إنها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الرديئ فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنة يلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا فإذا التفتوا يقول الله عز وجل ياأحبائي ما التفاتكم وقد شفعت فيكم فاطمة بنت حبيبي فيقولون يارب أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم فيقول الله ياأحبائي ارجعوا وانظروا من أحبكم لحب فاطمة ,انظروا من أطعمكم لحب فاطمة ,من كساكم لحب فاطمة ,انظروا من سقاكم شربة في حب فاطمة ,انظروا من رد عنكم غيبة في حب فاطمة خذوا بيده وأدخلوه الجنة قال أبو جعفر (ع) والله لايبقى في الناس إلا شاك أو كافر أو منافق فإذا صاروا بين الطبقات نادوا كما قال الله تعالى فمالنا من شافعين ولاصديق حميم فيقولون لو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين

اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك وأحصاه كتابك وارزقنا شفاعتها ورضاها واجعلنا من الفائزين بكرامة خدمتها

المصادر:

في محراب فاطمة (ع)الشيخ حسين الكوراني

الأسرار الفاطمية الشيخ محمد فاضل المسعودي

الكوثر في أحوال فاطمة (ع) السيد محمد باقرالموسوي

      

............
الاخت
ندى الخلف

الجمعة، 6 مايو 2016

العبادة بين العلم والمعرفة

العبادة بين العلم والمعرفة           

تعد مشاعر العبادة من اقدم وادوم تجليات النفس الإنسانية ويستدل من اثار الحياة الإنسانية على وجود العبادة حيثما وجد الإنسان .    

لم يبتدع الأنبياء العبادة ولم ياتوا بها من عندهم بل انهم علموا الإنسان كيفية العبادة _اي نوع الاداب والاعمال التي ينبغي ان تتم العبادة بها ونهوا عن عبادة غير الله الواحد الاحد .  

العبادة انعكاس للمعرفة :  

معرفة الله الواحد الاحد باعتباره اكمل ذات ويختص باكمل صفات ومنزه عن كل نقص ومعرفة صلته بالعالم .وهي فيض عطفه ورحمانيته تفرز لدينا رد فعل يعبر عنه بالعبادة .

العبادة نمط من علاقة الخضوع والثناء والحمد التي يوجدها الإنسان مع خالقه وهذا النوع من العلاقة يتسنى للمرءإقامته مع ربه فقط ولا تصدق على سواه بل إنها لا تجوز على ماسوى الله .

فمعرفته سبحانه وتعالى باعتباره المبدأ الوحيدلعالم الوجود ومالكه الوحيد ورب كل شيء توجب ان لا نجعل أي مخلوق شريكا له في العبادة .

لابد من ذكر مقدمتين من اجل ان يتضح مفهوم العبادة ومعناها ،ولكي نضع تعريفا صحيحا لها:

1-العبادة اما لفظية واما عملية ،فاللفظية عبارة عن سلسلة من العبارات والأذكار التي تجري على السنتناكقراءة الحمد والسورة واذكار الركوع والسجود والتشهد وكذا  التلبية في الحج .

اما العبادة العملية :  

فهي من قبيل الركوع والسجود في الصلاة والوقوف بعرفات والمشعر الحرام ،والطواف في الحج ،وغالبا ما تشتمل العبادة على قسم لفظي واخر عملي كالصلاة والحج فكلاهما فيه قسم لفظي واخر عملي .

2-اعمال الإنسان على قسمين فبعضها مجرد من القصد الخاص ولايؤدى كدلالة على شيء اخر ،وإنما يؤدى لاجل معطياته الطبيعية والتكوينية كان يقوم المزارع بسلسلة من الاعمال المتعلقة بالزراعة لاجل نيل معطياتها الطبيعية وهو لايؤديها باعتبارها دلالة او مؤشر على سلسلة من الاحاسيس وكذلكالخياط في غمل الخياطة ،وهكذا الحال عندمت نذهب من البيت الى المدرسة فنحن لا نريد من وراء هذا الذهاب الا الوصول الى المدرسة وليس هدفنا تحقيق أي غرض اخر.

لكن بعض الاعمال تؤدى باعتبارها دلالة على سلسلة من المقاصد وللتعبير عن نوع من المشاعر .كما لو هز احد راسه دلالة على التصديق او جلس اخر عند نهاية المجلس كمؤشر على تواضعه ،اوانحنى شخص لاخر من باب الاعظام والتكريم.

 

معنى العبادة    

تطلق كلمة العبادة على تلك الحالة التي يتوجه فيها الإنسان باطنيا نحو الحقيقة التي ابدعته ويرى ذاته تحت هيمنتها.وهي تمثل في واقع الحال سير الإنسان من الخلق نحو الخالق وبغض النظر عن الفوائد المتوخاه منها فإنهت بحد ذاتها من حاجات الإنسان الروحية وعدم الإتيان بها ينجم عنها حصول خلل في اتزانه.

واذا أراد المرء ان يقضي عمره بالعبادة تاركا المتطلبات الأخرى ومعرضا عن تلبية حاجاته المنوعة فسيؤدي هذا الى حصول الخلل والإضطراب في نفسه والعكس صحيح اذا بقي الإنسان يلهث وراء الماديات دون الاهتمام بالمعنويات والافاق الروحية لا يقر له قرار،وتبقى روحه في عذاب دائم وقد التفت الى هذه الناحية الزعيم الهندي جواهر لال نهر والذي تغيرت حالته في أواخر حياته بعدما كان علمانيا في عخد  الشباب ،يقول هذا الرجل عن ذاته :

اشعر ان في روحي وفي هذا العالم فراغ لايسده شيء الا القضايا الروحية.

العبادة من وجهة نظر الإسلام هي الهيكل العام لكل تعاليمه ،ولها الصدارة من بين تلك التعاليم ،فإن كانت صحيحة صحت على اثرها جميع القضايا الاجتماعية والأخلاقية ولا تصدقوا ان المرء يكون صالحا في الجانب الاجتماعي والاخلاقيوغير صالح في الجانب العبادي .

من ابعاد العبادة :

ان الإسلام يعتبر كل عمل مفيد إن كان صادرا بدافع الهي ـ خالص ـ عبادة لله ،فهو يعتبر طلب العلم عبادة وطلب العلم عبادة والاعمال الاجتماعية عبادة .

الإطلاع والوعي :

من البديهي ان الإنسان يكون قادرا على أداء التكليف عندما يعلم بوجوده  وإذا فرضنا ان المشرع سن قانونا ولم يبلغ المكلف به فالمكلف غير ملزم بتطبيقه بل هوغير قادرعلى تطبيقه وإذا قام بما يخالف ذلك لا يحق للمشرع معاقبته .

وبالطبع فإن شرط العلم والإطلاع من اجل التكليف لا يستلزم ان يبقى الإنسان نفسه في حالة من الجهل ويتصوره عذرا لنفسه ،فالإنسان مكلف بكسب العلم والإطلاع ثم ممارسة عمله ونشاطه وفقا لمعرفته.

وبالطبع فأن شرط العلم والأطلاع من اجل التكليف لا يستلزم ان يبقى الانسان نفسه في حاله من الجهل ويتصوره عذرآ لنفسه فالأنسان مكلف لكسب العلم والأطلاع ثم ممارسة عمله ونشاطه وفقآ لمعرفته .

جاء في الحديث ان بعض المذنبين يؤتى بهم يوم القيامه إلى محكمة العدل الإلهي ويحاسبونه على تقصيرهم في أداء واجباتهم

فيقال للمذنب مافعلت من أداء واجبك ؟ فيقول ماكنت اعلم ! فيقال له ولم لم تعلم ولم تكسب المعرفه ؟

إذآ المراد من قولنا ان العلم والاطلاع شرط في التكليف انما يصدق فيما لم يبلغ او لم يبلغ المكلف بتكليفه ولم يكن له تقصير في هذا الجانب أي انه بذل الجهود اللازمه لكسب العلم ولكنه لم يعلم في نيله فالمكلف في هذه الحاله معذور امام الله تعالى .

القدره والتمكين :

الانسان قادرآ على كسب العلم والمعرفه ولكنه في حدود معينه من حيث المده الزمنيه وسعة المعلومات ومهما كان الشخص عبقري فهو ملزوم بطي مدارج العلم والمعرفه على مرور الزمن فاشتراط التكليف بالعلم والاطلاع لايستلزم التنصل عن كسب العلم والاطلاع .

نفرض اننا اصبحنا في مواجهة عدو قوي يبغي العدوان علينا او على حياض الأسلام ولا نملك حاليآ مقومات القدره على مجابهته واية مجابهه قد تؤدي الى هدر الطاقات فمن البديهي اننا غير مكلفين بالمجابهه لكننا مكلفون على الدوام بنيل أسباب القوه لكي لايكون موقفنا في مثل هذه الحالات موقف المتفرج .

 

إذن العبادة عن غير العارف معاملة كانه يعمل في الدنيا لاجرة ياخذها في الاخرة وهي الاجر والثواب وعند العارف رياضة مهمة وقوى نفسه المتوهمة والمتخيلة ليجرها بالتعويد عن جناب الغرور الى جانب الحق .

التصور العرفاني للعبادة :

العبادة عند العارفين قربان الإنسان ومعراجه وتعاليمه وصعوده الى مشارق انوار الوجود وهي تربية روحية ورياضة للقوى الإنسانية في ساحة انتصار الروح على البدن واسس مظاهر شكر الإنسان لمبدع الخلق وهي مظهر حب الإنسان للكامل المطلق والجميل على الإطلاق.

(إلهي ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك) هذه الكلمة (أهلا للعبادة ذات معنى عميق بما أنك أنت أنت وأنا أنا من الطبيعي أن أجعلك معبودا لي وأنا عابد لك.

العبادة والمعرفة:

عمر حذف ( حي على خير العمل) من الأذان لماذا؟

لأنه اجتهد من عند نفسه وارتكب خطأ فضيعا.

في عهد عمر بلغت الفتوحات الإسلامية ذروتها، وكان المسلمون يسيرون حينذاك صراعا لمقاتلة أعدائهم ويتغلبون على أقوى الجيوش بأعداد قليلة ويثبت الجهاد قيمته وتتضح عند ذلك ماهية المجاهد الذي يربيه الإسلام.

قال عمر:

إن المؤذن عندما يكبر ويأتي بالشهادتين وينادي بعدها حي على الصلاة و حي على الفلاح لاضير في كل هذا ولكن حينما ينادي حي على خير العمل فإنه يضعف روحية القتال عند المجاهدين لأن المجاهد يتصور في نفسه أن الصلاة إذا كانت خير الأعمال فنحن بدلا من الجهاد في ساحة الحرب نبقى في مسجد المدينة ونصلي إلى جوار قبر الرسول صلى الله عليه وآله وهذه الصلاة هي خير الأعمال.

دع الآخرين يذهبون إلى القتال فيقتلون أو يجرحون أو تصاب عيونهم فيعمون أو تقطع أيديهم وأرجلهم أما نحن فنبقى هنا في راحة وأمان قرب نسائنا وأطفالنا ونصلي 4 ركعات ونكون بذلك أفضل منهم.

توهم عمر أن لهذا النداء انعكاسات سلبية ومن الأفضل حذفه من الأذان واستعمال جملة ( الصلاة خير من النوم ) بدلا عنها.

ولم يفكر في السبب الذي يجعل هذا الجيش المؤلف من عشرات الآلاف من المقاتلين يقاتل جيشا يبلغ عدادها مئات الآلاف وينتصر، فما السر في ذلك؟

كانت بلاد فارس وبلاد الروم دولتين متحضرتين ولديهما أفضل الأسلحة في ذلك العصر في حين أن سيوف العرب لم تكن تمثل في مقابل سيوف الفرس والروم سوى هشيم.

هل كان العنصر العربي أقوى وأشد شكيمة من العنصر الرومي أوالفارسي؟

كلا، ألا تعلمون ماذا فعل شابور ذو الأكتاف بالعرب قبل الإسلام، ألم يأسر الآلاف منهم ، ألم يسود ويثقب أكتافهم ، وقيدهم بالسلاسل ؟

أين كانت قوة العرب آنذاك؟

ألم يهزم الفرس العرب بعد ذلك التاريخ بمائة سنة؟

إذا ماهي القوة التي يقاتل بها العرب الفرس والروم وينتصرون عليهما؟

كانت قوتهم في إيمانهم وهو ذلك الإيمان المستقي من نداء ( حي على خير العمل ) ومستقى من الصلاة ومن الدعاء ومن المناجاة.

أي أن تلك القوة مستوحاة من قوة الإيمان.

المصدر: كتاب طهارة الروح           الأستاذ الشهيد مرتضى المطهري

..........
الاخت
زاده الشرفا

الخميس، 5 مايو 2016

بكاء الزهراء عليها السلام سلاح ووسيلة

بكاء الزهراء عليها السلام سلاح ووسيلة

هل البكاء على الميت محرم كما اعتقده البعض ؟

 

الزاوية الاولى   مشروعية البكاء:

لقد حث رسول الله صلى الله عليه واله على البكاء على الميت من خلال قوله صلى الله عليه واله (على مثل جعفر فلتبكي البواك  )  اذن بكى رسول الله صلى الله عليه واله على جعفر الطيار عندما مات      

فعل النبي صلى الله عليه واله :  

حيث انه بكى على ولده  ابراهيم بمرأى  ومسمع من الصحابة  

تقرير النبي صلى الله عليه واله:

والمراد انه عندما يشاهد عملا من الاعمال ولا يصدر النهي فيه نعلم ان النبي صلى الله عليه واله راضيا بهذا العمل  وهو داخل في الشريعة الاسلامية اذ لوكان الامر مرفوضا من قبل الله تعالى فلابد ان يصدر المنع من رسول الله   (ص) لأنه مصدر التشريع والمبلغ عن الله تعالى

الزاوية الثانية :  
   العلم الحديث :

البكاء سلاح اتخذه الانسان في بداية مراحله العمرية ليسترحم الوالدين وهو تعبير عما في خلد الطفل لقضاء حاجاته كما انه لغته الخاصة التي أطلق عليها الفلاسفة (لغة الطبيعة)         

هل بكت الزهراء عليها السلام على أبيها وهل بكائها على ابيها (ص)  منقصة لها؟     

في حين أن حزنها على ابيها كان حزنا رساليا  هادئا يتنافى مع ما ذكره البعض من جزعها لاسيما وانه اوصاها (اذا مت فلا تخمشي علي وجها ولا ترخي علي شعرا ولا تنادي بالويل ولاتقيمي  علي نائحة )  

اجاب سماحة اية الله السيد علي السيستاني في مركز الابحاث العقائدية على ذلك المتشكل بهذا الجواب:      

لقد وردت روايات صحيحة تخبرنا عن بكاء  سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام  على ابيها رسول الله (ص)  بعد وفاته ،  ويستفاد من هذه الروايات شدة تاثرها وحزنها لفراق  ابيها (ص)وكذلك للأحداث المؤلمة التي جرت بعد وفاته مباشرة ، ومن ذلك ما رواه الشيخ المفيد عن عبدالله بن سليمان الهاشمي عن جده عن زينب بنت علي بن ابي طالب عليهم السلام  قالت: لما اجنمع راي ابي بكر على منع فاطمة عليها السلام فدك والعوالي وايست من إجابتها لها عدلت الى قبر ابيها رسول الله (ص) فالقت بنفسها عليه وشكت اليه ما فعله القوم بها وبكت حتى بلت تربته بدموعها وندبته.

كذلك هناك الكثير من الأحاديث الدالة على ذلك .

ثم قال سماحته:  يظهر لنا ان القول بكثرة بكائها بعد ابيها (ص) لايخرج عن الصواب وان الروايات المصرحة  بذلك الواردة عن ائمة اهل البيت عليهم السلام يمكن الإعتماد عليها والإطمئنان بها وان لمتكن ترفى الى درجة الصحة ولذا جعلها علماؤنا موردا للقبول ولا يتنافى هذا البكاء والحزن المتواصل من سيدة النساء عليها السلام مع الشرع كما يريد البعض ان يوحي بذلك .

وعليه فإن بكاء الزهراء علبها السلام على ابيها (ص)  وفي الوقت الذي تزامنت فيه الأحداث الجسام من غصب الخلافة وغصب الإرث وكشف البيت الطاهر والإستخفاف بحرمة الدين واهله _, بل هو بكاء على الملايين من المسلمين الذين سيكونون ضحايا هذه المظالم وتبعات هذه الأحداث , والزهراء عليها السلام  تعلم بتلك الامور وما ستؤول اليه لذا كان البكاء عند الزهراء عليها السلام يتجاوز معناه العاطفي المحدود الى معاني اخرى من الإستنهاض والثورة على الظالمين وبعث رسالة الى اعماق التاريخ ان لا يغفلوا عن احداث هذه الفترة التي غيرت وجه الدنيا بانجرافها وميلها عن الحق فقد كان البكاء هو الوسيلة الوحيدة المتاحة امامها عليها السلام  لاعلان الحق ورفض الباطل واستمراررفض  الباطل .  

وكما صرح سماحة الشيخ محمد السند بان بكاء الزهراء عليها السلام يحمل  ابعاد وغايات هامة وسنة فاطمية عظيمة منها :      

بيان اهمية وعظمة النبي (ص)وضرورة التعلق بشخصيته وبالتالي التاسي والإقتداء به والإستنان بسنته وهو لايحصل الا بشدة تذكره في قبال اصحاب السقيفة (من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله       )فالبكاء يحمل طابعا اعتراضيا على نهج السقيفة  

ومنها بيان العلاقة وشدة تعلق الزهراء بابيها وهذه العلاقة فاقت العلاقة بين يعقوب ويوسف وهما نبيين       فكل ذلك تربية وتعليم للصديقة عليها السلام لكل البشر والمخلوقات ان التعلق بالنبي (ص)لابد ان يكون بعد التعلق بالله تعالى بهذا الحجم كما وكيفا لينال اكمل التكامل .

 المصادر:
بكاء الامام  السجاد اسرار ونتائج            
تاليف الشيخ زهير يوف الذروة    

 موقع مكتب سماحة المرجع الديني الشيخ محمد السند شبهات وردود

................
الاخت
زاده الشرفا