بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 يناير 2019

قبسا من سورة النور


قبسا من سورة النور....

الأستاذة /فاطمة العيسى

(سورةّ أنزلناها وفرضناها وأنزلنا
فيها آيات بيّنات لعلكم تذكّرون )

هي النور ..

اقتُبِس لها اسماً من الأسماء
الكمالية للذات المقدّسة..بجماله يشدُّ العبد إلى عشق ربه تعالى ..
فهويعشق النور بفطرته ويهرِب
من الظُلمة بطبيعته الحسّية لأن ذاك النور يكشف له صُور الأشياء بظاهرها..بينما الظُلمة تبقيه في حِيرةٌ وقلق ..

كما للنور الحسّي مصدرٌ يتّصل
به وهو التيار الكهربائي ..
كذلك النور المعنوي يتصل بمصادر خاصّة، فلا يمكننا الحصول عليه إلا منها ..

*فما هي تلك المصادر ؟!
قال رسول الله "ص" :
( إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ..ما إن
تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا )

(واتبعوا النور الذي انزل معه
أولئك هم المفلحون )

فالقرآن والعترة هما بابان متلازمان لا ينفصلان عن بعضهما البعض ،والمؤمن هو الذي يهتدي بمصادر النور ،ويتّصل بها عن طريق العلم الذي هو يبلور حقيقة النور ويكشف الحقائق.

*تبيّن السورة كيف يحصل
الإنسان على هذا النور ؟!
عندما يتنقّى من دناءة الشهوات
ويضبطها على حسب ماورد ما فيها من تعاليم وقوانين والتي تتمحور حول موضوع واحد وهو
العفّة .. (العفاف يصون النفس وينزّهها عن الدّنايا )

والعفاف هو الصفة التي يرتفع بها المؤمن إلى صف الملائكة ..بنقاءه وطهارته عن دنس الشهوات الدنيئه والإنحطاط الخلقي الذي يهويه إلى قُعر الظلمات ..

ولذلك جعل هذه السورة فرض
(سورة أنزلناها وفرضناها) فخصصّها بهذه الميزة الفريدة
بأن جعلها فرض على الإنسان
المؤمن ..

فماهو معنى كلمة سورة !!
عدة معاني تبين مقام هذه السورة وفضلها وهي:

*المنزلة الرفيعة من البناء
*الفضل -الشرف
*الجدار الرفيع
فعندما نضمّ تلك المعاني
إلى بعضها نحصل على نتيجة
قيّمة وهي :
أن تلك الأحكام والقوانين عندما نعمل بها فكأنما تحيط بأرواحنا بناء رفيعاً من الشرف والفضل والمنزلة الرفيعة هويعمل بمثابة حصانة روحيّة  تحمي الفكر والجوارح من عبث الشيطان الذي يبثُّ سمومه ليهوي به إلى مستنقعات الرذائل الدنيئه ..

فهذه هي الميزة الأولى ..

أمّا الميزة الثانية للسورة هي :
(وأنزلنا فيها آيات بيّنات )
كما تطرّقنا في البداية أن مصادر النور هم القرآن والعترة ..
فهذه الآيات البينات هم العترة الطاهرة التي هي بدورها تبيّن الأحكام والتعاليم القرآنية ..وربما تكون اشارة لآية النور ..
فهم من يميّز طريق النور للمؤمن وهم أصل كلّ خير ..

كما قال الإمام الصادق "ع" :
( نحن أصل كل خير ومن فروعنا كل. بر ،ومن البر التوحيد والصلاة والصيام ..

وعدوّنا أصل كل شر ومن فروعهم كل قبيح وفاحشة...
وقال "ع":( كذب من قال إنه معنا وهو متعلق بفرع غيرنا )

من هنا نفهم عندما نتمسك بتعاليم القرآن فنحن حقيقة نتمسك بفروع الولاية التي هي أصل النور ..

وعندما نتخلى عنها نكون قد
عدلنا الى القبيح وهو التعلّق
بطريق أعداء أهل البيت "ع"
دون شعور ..وهذا مهوى في غاية الخطورة لأنه سبيل سيئ للغايه..
فمن البرّ العفّة ومن اتصف بها
تعلق بفرع الولاية وبانت له
الحقائق والأسرار الإلهية
كما قال الصادق "ع":
( ما اعتُصم أحد بمثل ما اعتصم
بغضّ البصر ، فإن البصر لا يغضّ
عن محارم الله إلا وقد سبق إلى قلبه مشاهدة العظمة والجلال )

فعندما نستقرئ الآيات التي
تذمّ الزنا نجدها انها تصف هذا العمل وتحذر منه بأنه
(ساءَ سبيلا ) والسيئ هو القبيح
فبمجرد الدخول إلى هذا الطريق
المظلم فلن يجد فيه الزاني غير
الضلال .

وهو ( وإن يروا سبيل الرشد
لايتخذوه سبيلا )
فإذا كان سبيل الضلال يمثل
أصل القبح فالرشد يمثل
أصل الخير..فلايمكن الرجوع اليه الا بالتوبه قبل الحسرة العظمى
عندما يتذكر أنه أضاع الطريق في ذلك اليوم المهُول بعد فوات الأوان ..
( ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا)
لذلك السورة تذكر في مقدمتها
(لعلكم تذكّرون ) والتذكرة لا تتحقق الا بالإتصال بالنور الإلهي علماوعملا
(إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلىربه سبيلا )

ومن لم يتذكّر لن يُفلِح بالنور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق