ماراثون صعب.
الاخت:
ليلى الصادق
يقول غسان كنفاني:
(المثقف أول من يقاوم وآخر من ينكسر)
عبارة موجزة أختصرت قصة كفاح
بل سيرة حياة فرد نذر عمره ولحظات قوته وضعفه لدور أسطوري ..
دور يربط فيه الفكر بالمجتمع، فهو همزة وصل بين أعظم موجودين أقلتهما الحياة ، وهاهو يحمل على عاتقه هم المجتمع ، ويعدو به في ماراثون صعب وسط تغيرات الحياة وتقلباتها .
فهو كما يقال رجل المهمات الصعبة،
وخصوصا في هذا الوقت ، إذ باتت هذه المهمة أقرب إلى المستحيلة عوضاً عن الصعبة.
إذ لو تأملنا قليلاً في البيئة الفكرية الحالية ورصدنا أجواء الساحة الثقافية سنجد انها ملئية بالضوضاء
تعج بالزبد الفكري والتزييف الثقافي .
صيغ وتنظيرات ..أزمة إزدحام ولكن هذه المرة إزدحام ثقافي ، ومن هنا ومع كل هذا تتضاعف مسؤولية المثقف في مثل هذه الأجواء
المشحونة المتأججة.
والذي سيتوجب عليه عندها أن يفرغ كل هذه الشحنات السالبة ،واستبدالها بسيل من الشحنات الموجبة.
وهذا شيء صعب ،أشبه بإشعال نار راقدة تحت رماد المجتمع المحتضر.
المجتمع المحتضر.. نعم هذا أصدق مصطلح قد يطلق على مثل هذه الأعراض ، وماأوصلنا لهذه الحالة، هو مايلي:
1/ التمكّن من التوصل للمعلومة الغثة والسمينة بسهولة، ودون أدنى تعب او مشقة عبر محركات البحث الإلكتروني.
2/توفر أدوات فنية يسّرت أمر الكتابة على أنصاف المثقفين وغيرهم .
3/تحويل عملية التأليف الى عملية( قص ولصق) يمارسها كل من حوى أدنى معرفة بالأساليب الحديثة .
في حين كان يجب ان تكون عملية علمية .
كل ماتقدم ..
ولّد ثقة مفرطة بالنفس وإعتزاز غير متوازن بالذات ، جعلها تقدم وتستمر في مثل هذه العملية وتنشر كل ما تقوم بتأليفه دون مراعاة الشروط الحقيقيه للبحث و التحقيق .
وبالتالي تتّضح لنا حقيقة مؤلمة وهي ماأكثر المثقفين حين تعدّهم وفي العمل الحقيقي قليل.
وهكذا طابق حال المثقف حال المجتمع ..وليس محض صدفة هذه المطابقة ، فقد أصبحنا وللأسف نواجه أزمة بطالة وفقر ثقافي.
ولن نتخطى هذه المحنة الا على يد بيضاء تعطي بلا إنقطاع ؛ لنقضي على متسولي الثقافة وشحاذي الشهرة ومروجي الهباء.
مختصر القول...
نحن بحاجة إلى نقل كل هذه المؤسسات الثقافية إلى الطرقات والأسواق والمقاهي ..إلى المدارس والبيوت ليرتادها أكبر شريحة من المجتمع، وبمثل هذا الإسقاط نضمن الحصول على أكبر قدر من الفعالية ونتمكن من بلوغ الهدف.
ومنها الخروج من هذه السراديب الغائرة إلى المنارات العالية، رافعين رايات الحق صادحين بصوت مسموع فصيح معلنين الإنتصار .
وهذا كله يبدأ من:
1- استقطاب اهتمام المجتمع لا من واقع (خالف تعرف) ، ولا من منطلق(المعلومة المثيرة )، انما من موقع الطرح الجديد .
وإثارة حالة نقدية عقلانية للوضع حتى تهتز هذه الثوابت والتي توهم أصحابها انها لن تتحرك قيد أنملة.
2_ثم يبدأ بنشر الوعي عبر إثارة النقاش ، مع ملاحظة أن إثارة النقاش شيء و الجدل والشغب والفتنة وإثارة البلبلة شيء آخر.
وهذه المهمة صعبة تحتاج إلى وعي ، إلى تخطيط مسبق، إلى الوقت المناسب للإنطلاق و تحديد نقطة ارتكاز ثم معرفة محطة الوصول.
3_والمثقف في هذه المرحلة لا يحتاج إلى شعارات،بل إلى شعور حقيقي يولد هذا الحراك .ومنه يستمد القوة والدافع ويضمن له الإستمرارية .
هذا هو بحق حراك المثقف الواعي.
لهذا فقط لا لغيره كان على المثقف أن يكون أول من يقوم وبإذن الله لاينكسر.
وقد قالها سيد البلغاء والعارفين أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب ع
(فقم بعلم ولا تطلب له بدلاً
فالناس موتى وأهل العلم أحياء)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق