بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 26 ديسمبر 2016

لكي نميّز المثقف..

لكي نميّز المثقف ..

العقل أعظم ذخيرة وهبها الله للإنسان ليصعد به أعلى قمم مجد العلم والمعرفة ليقاوم تحديات الحياة ..

فمن هذا الميدان (العلم والمعرفة) يشترك المتعلم مع المثقف ومنه يفترقان من حيث تحديد الهدف ..
من حقل المتعلّمين  والمثقّفين تتنوع أهداف كلٌّ منهما  !!

ولكي نستطيع تمييز أهداف المثقف الحقيقي عن أهداف الحقل المتنوع للمتعلّمين وإدراك بُعْد الرُؤية
لديه!!

علينا أولاً أن نحدّد الفارق العام بين كلاً من المتعلّم والمثقف الحقيقي من خلال التعريف..

المتعلم هو الذي يأخذ العِلم من مجال علمي خاص.. كخريج الجامعة ، حملة الشهادات العلمية بمختلف مراتبها ..

أمّا المثقف الحقيقي كما عرفه( أحمد جويد )..

هو الشخص الذي يستطيع اقناع الآخرين بشجاعة والإيمان بفكره ،ويستخدم ثقافته كوسيلة في رقي المجتمع وتطوره وتحقيق أهدافه..

إن  الأهداف تتنوع لدى حقل المتعلّمين ، و المثقفين ،هناك رؤية خاصة تعبّر عن الهدف للمثقف الحقيقي تميّزه عن غيره من المتعلّمين ،وممّن يتغنّج بهذا اللقب (المثقف) لتنأى عنه أصابع الإتهام ويغضّ العيون عن أغراضه الشخصية  ؟!

هدف المتعلم من العِلم هو التخصص في المجال الذي يرغب فيه والوصول إلى المهنة التي تناسب مجاله ..

أما  المثقف الحقيقي فهو شغف دؤوب هدفه طلب الحقيقة ، لا يقنع بأقل منها ..

ان المثقف هو رجل العقل بينما المتعلم هو رجل الذكاء ، كل عاقل هو ذكي وليس كل ذكي عاقل ..

المتعلِّم بشتى أنواعه يوجّه ذكاءه في مجاله التخصصي ،سواء كان مهنة طب أم هندسة أم معلّم أو أي مجال آخر ..

النبوغ في العلم ليس مقياساً للعقل دائماً ، لربّما نجد عالِما نابغاً في علمه بينما تجد سلوكه متبع لمصالحه
الشخصية وميوله الغرائزية ..

أما المثقف الحقيقي هو من يتّصف بالعقل لأنه لايفكر كالعوام من الناس وبعض المتعلّمين سواء كانوا من فئة السذّج أوالمتعصّبين، بل هو متحرّر الإعتقاد من المسلّمات الخاطئة ، ومن التسليم للأفكار السائدة في أوساط المجتمع ..

بينما نجد بعض المتعلّمين يعتمد على ذلك و يستند في آراءه كثيراً على  الأفكار الجاهزة أمّا المثقف الحقيقي يعتمد فيها ع البحث والتحرّي ..

ويقرأ قراءة الناقد لا قراءة من يتشرّب الأفكار كالإسفنجة ، يبحث دائما عن الأدلة والبراهين التي تثبث أو تفنّد أي قضيّة تواجهه لكي لايقع ضحيّة مايقرأ..

لايغيّب عقله ولايصدّق مايقرأ بسهولة كبعض المتعلّمين المتعصّبين لفكرهم  فهم يسعون وراء معلومات تؤيد آراءهم دون تحرّي ، لايقبلون رأيا
ً مخالفاً لهم ..

أما المثقف الحقيقي يمتاز بمُرونة رأيه وباستعداده لتلقّي كل فكرة مخالفة له ليستكشف وجه الصواب فيها ..

أمّا بعض المتعلّمين فكره يحوم حول ذاته فقط بينما المثقف الحقيقي فكره يدور حول اصلاح نفسه والمجتمع ..

ومن النماذج التي تلألأت في سماء الثقافة حيث جمعت بين النظرة الثاقبة في وعيها وبين سلوكها
القيّم في بحر العطاء ،ومنهم في عصرنا الحاضر الشيخ حيدر حبّ الله
وهو ينتمي إلى المذهب الشيعي
من لبنان ، ذو الأطروحات المتميّزة
والفِكْر الوضّاء..

وكلّ من سعى في خدمة الإنسانية دون أن يهدف من ذلك مصالح أخرى تختبئ وراء ذلك ، بل كلّ غرضه هو الصعود بالمجتمع فكراً وتحضّراً
ونماءً في جميع أبعاده ومستوياته .

فمقياس الثقافة هو القيم الحاكمة على السلوك الإنساني وكذلك الوعي الذي يصنع الرؤية الواضحة لكونه هو فلسفة الثقافة والتطبيق العملي لها ..


فاطمه العيسى

الأحد، 25 ديسمبر 2016

انعزال المثقف

انعزال المثقف  

{لاتستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه } تلك كانت رسالة الامام علي عليه السلام لمن قرر أن يسلك طريق الحق لأنه يعرف أن هذا الطريق موحش ،  طويل  يسير الانسان فيه غالبا وحيداً .
رسالة حية يحي بها النفوس التى حملت هم أمتها ويحيي بها القلوب التى أدماها طول الطريق  والضمائر التى أضناها الجفاء .

هذه العقول الواعية والنفوس الأبية والضمائر الحية التي حملت هم أمتها واختارت الابتعاد والانزواء .
لقد اختارت أن تبقى تحت الظل , لأن البقاء في الواجهة أو في خط المواجهة يعنى خيارين لا ثالث لهما .. إما الخضوع والإستسلام لتيار الظلم والاستبداد وبيع الضمير وقتل الروح وموت القلب فيصبح صوتاً جديدًا من أصوات الظلم.

أو يتحول إلى شيطان أخرس لايعين مظلوما ولا يقف في وجه ظالم .

الأسباب كثيرة التى تجعل الإنسان الواعي ـالمثقف - أمام هذين الخيارين ، لكن على كثرتها وتنوعها , هي أسباب إما ترجع إلى نفس المثقف أو إلى المجتمع.

الأسباب المتعلقة بالإنسان ـ المثقف ـ:ـ

-المثالية الزائدة عن حدها الطبيعي التي يعيشها المثقف سواء على المستوى الشخصي أو الاجتماعي فهو يطالب المجتمع بمختلف فئاته الثقافية والعلمية أن يكونوا واعين مدركين مثله تماما أن يكونوا بمستوى مثاليته.

ـ افتقاره إلى الذكاء البيئي والاجتماعي للمجتمع الذي يعيش فيه , فيصعب عليه الاندماج وحتى الاختلاط بالمجتمع , فكيف بطرح أفكاره واستجابة المجتمع له .

ـ اصطدامه ببعض المثقفين من أمثاله , الذين يتوقع منهم أن يكونوا إلى صفه لكن للأسف كانوا هم مع المجتمع ضده .

ـ افتقاره للمرونة والقدرة على الإنسجام مع تغيرات المجتمع وتحولاته السريعة .

ـ صعوبة أو استحالة تطبيق بعض أفكاره وقناعاته على أرض الواقع  .

ـ عدم انسجامه شخصياً مع المجتمع والمحيط الذي يعيش فيه  , أو انسجام  أفكاره وتطلعاته مع واقع المجتمع  .

أسباب تتعلق بالمجتمع : ـ

- عدم وعي المجتمع بالمستجدات فكيف يقبل التغيير إذا كان جاهلا بالمعطيات .

ـ تمسكه  بالعادات والتقاليد البالية فيرفض التغيير خوفًا من فقدان الهوية  .

ـ عدم وجود لغة اتصال أو حوار مناسبة بين المثقف والمجتمع , فالمجتمع لايفهم اللغة التي يتحدث بها المثقف .

ـ تقديس المجتمع لبعض الشخصيات المجتمعية باعتبار أنها القدوة  في الحياة فيرفض أي فكر أو طرح مناقض أو معارض لأفكار ومعتقدات تلك الشخصيات .

إن هذه الاسباب بعضها أو كلها خلقت هوة كبيرة بين المثقف والمجتمع .
وأكبر خطأ يرتكبه المثقف أن ينزوي أو ينعزل عن الساحة .

على المثقف أن يصلح نقاط الضعف التي لديه ويقوي نقاط القوة بالإنخراط الفعلي في المجتمع ، فقدرته على التغيير مرهونة ببقاءه في المجتمع وقدرته على العطاء بالمزيد من التضحيات المخلصة والخالصة لوجه الله تعالى ,

لابد له من الاستمرار والبقاء في الساحة ، ولو كان تأثيره بسيطا ، فقطرات الماء على الصخر تحدث أثرًا وإن طال الزمان.

إن طريق الحق طويلٌ موحش ، ومرتاديه  كثر , لكن في هذا الطريق يسقط الكثير ويتعثر الكثير , لكنه يبقى طريقا سالكاً، واضحاً ، مستقيماً لاعوج فيه , وهو طريق الصفوة المقربون الذين وصفهم القرآن الكريم

[ ثلة من الاولين وقليل من الاخرين ]

مريم ال ام فاطمه

الأحد، 11 ديسمبر 2016

المثقف بين طيات القرآن

من هو المثقف ؟وماهي صفاته ؟ وهل تحدث القرآن عن المثقفين وهل ذكر صفاتهم  وملامحهم ؟

كلمة مثقف هي كلمة مستحدثة في اللغة العربية وقد ظهرت لأول مرة في نهاية القرن التاسع عشر في قاموس المحيط كترجمة لكلمة فرنسية بمعنى متعلم ولم يكن لها عند العرب والمسلمين ذلك الوزن الذي يعطى لها اليوم ولم ترد في القرآن بالمعنى المعروف حالياً إنما ذكرت في آيات القتال فقط (فاقتلوهم حيث ثقفتموهم)بمعنى وجدتموهم،
أما بالنسبة للمعاجم فقد ذكرت مادة ثقف بمعنى تسوية الشيئ المعوج أو بمعنى الظفر أو بمعنى سرعة الفهم هذا من الناحية اللغوية أما من الناحية الإصلاحية فإن المثقف هو ناقد اجتماعي همّه أن يرقى بمجتمعه إلى أعلى مستويات التقدّم والتطور والتغيير نحو الأفضل ، والمثقف الحقيقي ليس من تخرّج من الجامعات ونال أعلى الدرجات ولا من أحاط بالعلوم والمعارف ،إنما المثقف الحقيقي هو من يحمل العلم والإدراك والوعي بالإضافة لكونه ناقد اجتماعي قد يخالف الفكرة السائدة في مجتمعه وهمه الأول والأخير هو المنفعة العامة لمجتمعه ِ

ولقد ذكر القرآن صفاتهم وذكر نماذج عديدة لمثقفين ولكن ليس بلفظ مثقف ومن أمثال أولئك حبيب النجار مؤمن آل يس وهو الرجل المؤمن المذكور في سورة يس (وجاء من أقصى المدينة رجلٌ يسعى قال يقوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لايسألكم أجراً وهم مهتدون )وهو رجل آمن برسالات السماء ووقف جبلاً شامخاً في وجه الطغيان مدافعاً عن رسل الله ونال وسام الشهادة ذوداً عن الدين من خلال الآية الواردة بشأن هذا الرجل نستطيع أن نستخلص أبرز ملامح المثقف في القرآن :

١/ يرتكز على قاعدة عقائدية عميقة وأهم محور يدور حوله هو الله.
٢/  المثقف في القرآن يستطيع أن يفكر خارج الصندوق ويخالف المسلمات الخاطئة في مجتمعه.

٣/  المثقف في القرآن يمتلك حساً عاليًا بالمسؤولية ويمتلك حس المبادرة كمبادرة حبيب النجار إذ كان في أقصى المدينة وحين سمع أن حواريي عيسى تحت تهديد الملك أسرع يسعى من أقصى المدينة إلى مركزها مدافعاً عن رسل الحق.

٤/  يتميز بصدق العاطفة والمشاعر الصادقة تجاه مجتمعه وقضيته .

٥/ يتميز بالفطنة والذكاء وكمال العقل والحذر والدقة .

٦/  المثقف في آيات القرآن مصلحٌ اجتماعي يتسم بالمبادرة والمواجهة بأن يكون في الصف الأول دون تردد او تراجع .

٧/ المثقف في القرآن هو من يكون مدركًا واعياً محيطاً لمايجري من حوله ملماً بالعلوم .

٨/ الشجاعة والثبات من أبرز صفات المثقف في القرآن ففي الإنموذج المذكور نلحظ صفة الشجاعة واضحة جلية ، إذ واجه طاغوت زمانه وواجه الكثرة بمفرده ولم يستوحش في طريق الحق.

هذه أبرز ملامح المثقف في القرآن الكريم ، فالمثقف عنصرٌ طاهرٌ نقي عالم ٌ واعي لما يحدث في مجتمعه وهذا هو المثقف الحقيقي الذي يرضاه الله ورسوله.

الاخت :

ندى الخلف

المصادر:
كتاب الأمثل
الإنترنت

السبت، 10 ديسمبر 2016

ماراثون صعب

ماراثون صعب.

الاخت:
ليلى الصادق

يقول غسان كنفاني:
(المثقف أول من يقاوم وآخر من ينكسر)
عبارة موجزة أختصرت قصة كفاح
بل سيرة حياة فرد نذر عمره ولحظات قوته وضعفه لدور أسطوري ..

دور يربط فيه الفكر بالمجتمع، فهو همزة وصل بين أعظم موجودين أقلتهما الحياة ، وهاهو يحمل على عاتقه هم المجتمع ، ويعدو به في ماراثون صعب وسط تغيرات الحياة وتقلباتها .
فهو كما يقال رجل المهمات الصعبة،
وخصوصا في هذا الوقت ، إذ باتت هذه المهمة أقرب إلى المستحيلة عوضاً عن الصعبة.
إذ لو تأملنا قليلاً في البيئة الفكرية الحالية ورصدنا أجواء الساحة الثقافية سنجد انها ملئية بالضوضاء
تعج بالزبد الفكري والتزييف الثقافي .
صيغ وتنظيرات ..أزمة إزدحام ولكن هذه المرة  إزدحام ثقافي ، ومن هنا ومع  كل هذا تتضاعف مسؤولية المثقف في مثل هذه الأجواء
المشحونة المتأججة.
والذي سيتوجب عليه عندها أن يفرغ كل هذه الشحنات السالبة ،واستبدالها بسيل من الشحنات الموجبة.
وهذا شيء صعب ،أشبه بإشعال نار راقدة تحت رماد المجتمع المحتضر.

المجتمع المحتضر.. نعم هذا أصدق مصطلح قد يطلق على مثل هذه الأعراض ، وماأوصلنا لهذه الحالة، هو مايلي:

1/ التمكّن من التوصل للمعلومة الغثة والسمينة بسهولة، ودون أدنى تعب او مشقة  عبر محركات البحث الإلكتروني.

2/توفر أدوات فنية يسّرت أمر الكتابة على أنصاف المثقفين وغيرهم  .

3/تحويل عملية التأليف الى عملية( قص ولصق) يمارسها كل من حوى أدنى معرفة بالأساليب الحديثة .
في حين كان يجب ان تكون عملية علمية .

كل ماتقدم  ..
ولّد ثقة مفرطة بالنفس وإعتزاز غير متوازن بالذات ، جعلها تقدم وتستمر في مثل هذه العملية وتنشر كل  ما تقوم  بتأليفه دون مراعاة الشروط الحقيقيه للبحث و  التحقيق .
وبالتالي تتّضح لنا حقيقة مؤلمة وهي ماأكثر المثقفين حين تعدّهم وفي العمل الحقيقي  قليل.

وهكذا طابق حال المثقف حال المجتمع ..وليس محض صدفة هذه المطابقة ، فقد أصبحنا وللأسف نواجه أزمة بطالة وفقر ثقافي.
ولن نتخطى هذه المحنة الا على يد بيضاء تعطي بلا إنقطاع ؛ لنقضي على متسولي الثقافة وشحاذي الشهرة ومروجي الهباء.

مختصر القول...
نحن بحاجة إلى نقل كل هذه المؤسسات الثقافية إلى الطرقات والأسواق والمقاهي ..إلى المدارس والبيوت ليرتادها أكبر شريحة من المجتمع، وبمثل هذا الإسقاط نضمن الحصول على أكبر قدر من الفعالية ونتمكن من بلوغ الهدف.
ومنها الخروج من هذه السراديب الغائرة إلى المنارات العالية، رافعين رايات الحق صادحين بصوت مسموع فصيح معلنين الإنتصار .

وهذا كله  يبدأ من:
1- استقطاب اهتمام المجتمع لا من واقع (خالف تعرف) ، ولا من منطلق(المعلومة المثيرة )، انما من موقع الطرح الجديد .
وإثارة حالة نقدية عقلانية للوضع حتى تهتز هذه الثوابت والتي توهم أصحابها انها لن تتحرك قيد أنملة.

2_ثم يبدأ بنشر الوعي عبر إثارة النقاش ، مع ملاحظة أن إثارة النقاش شيء و الجدل والشغب والفتنة وإثارة البلبلة  شيء آخر.
    وهذه المهمة صعبة تحتاج إلى وعي ، إلى تخطيط مسبق، إلى الوقت المناسب للإنطلاق و تحديد  نقطة ارتكاز ثم معرفة محطة الوصول.

3_والمثقف في هذه المرحلة لا يحتاج إلى شعارات،بل إلى شعور حقيقي يولد هذا الحراك .ومنه يستمد القوة والدافع ويضمن له الإستمرارية .
هذا هو بحق حراك المثقف الواعي.
لهذا فقط لا لغيره كان على المثقف أن يكون أول من يقوم وبإذن الله لاينكسر.

وقد قالها سيد البلغاء والعارفين أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب ع
(فقم بعلم ولا تطلب له بدلاً
فالناس موتى وأهل العلم أحياء)