بسم الله الرحمن الرحيم
الحق المضيع
فدك
ما أن عرجت روح رسول الله (ص) إلى عالم الملكوت حتى شرع الخليفتين في تنفيذ خطتهما اللعينة وانقلبا على عقبيهما بنقضهما ومخالفتهما لرسول الله في شأن موالاة علي واتخاذه خليفة وأول مابادرا لإغتصابه من أهله هي فدك
فماهي فدك ؟
فدك هي قرية بالحجاز تبعد عن المدينة يومين وقيل ثلاثة وهي مما أفاء الله على رسوله في السنة السابعة للهجرة صلحاًوذلك أن النبي (ص) لما نزل خيبر وفتح حصونها ولم يبق إلا ثلاثة منها واشتد بهم الحصار أرسلوا إلى رسول الله يسألونه أن ينزلهم على الجلاء وفعل وبلغ ذلك أهل فدك فأرسلوا إلى رسول الله أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم فأجابهم إلى ذلك ,إذاً هي من الفيئ حيث أن الأرض إذا فتحت بدون تجييش المسلمين عليها وإذا استسلم أهلها تكون ملكاًخاصاً للرسول أرضاً وغنائم وأسرى وله التصرف بهم على مايريد ولاحق لعامةالمسلمين فيهم (وماأفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيئ قدير)
كيف وهبها الرسول لفاطمة
بعد هذه الحادثة نزل جبرئيل بالآية المباركة (وآت ذا القربى حقه )فسأله النبي (ص) من ذوو القربى وما حقه فقال له عن الله تعالى أعط فاطمة فدكاً فقال النبي للزهراء سلام الله عليها يابنية إن الله قد أفاء على أبيك بفدك واختصه بها فهي خاصة له دون المسلمين أفعل بها ما أشاء وأنه قد كان لأمك خديجة على أبيك مهر وإن أباك قد جعلها لك بذلك وأنحلك إياها تكون لك ولولدك من بعدك .
وقد نحلها الرسول إياها في السنة السابعة للهجرة وأشهد على ذلك فدعا بأديم ودعا أمير المؤمنين (ع ) وقال اكتب لفاطمة بفدك نحلة من رسول الله وشهد على ذلك علي بن أبي طالب ومولى لرسول الله وأم أيمن التي شهد لها رسول الله بأنها امرأة من أهل الجنة ثم جمع الناس إلى بيت فاطمة وأخبرهم أن هذا المال لفاطمة وأعطاهم منه بعنوان عطية من فاطمة .
قيمتها المادية :
لم تكن فدك أرضاً صغيرة أومزرعاً متواضعاً كما يظن البعض بل كانت أرضاً واسعة تدر على صاحبها أموالاً طائلة تشكل ثروة مهمة ويدل على مقدار القيمة المادية لفدك أمور ومنها :
منع عمر لأبي بكر من ترك فدك للزهراء لضعف المالية العامة مع احتياجها للتقوية لما يتهدد الموقف من حروب الردة وثورات العصاة ومن الجلي أن أرضاً يستعان بها على تعديل ميزانية الدولة لابد أنها ذات نتاج عظيم .
قول أبو بكر للزهراء في محاورة له معها حول فدك إن هذا المال لم يكن للنبي وإنما كان مالاً من أموال المسلمين يحمل النبي به الرجال فإن تحميل الرجال لايكون إلا بمال تتقوم فيه نفقات الجيش .
بعد أن وصلت نوبة الخلافة إلى معاوية فإنه تملك فدكاً وقسمها إلى ثلاث أثلاث ثلث ليزيد وثلث لمروان وثلث لعمرو بن عثمان وهذا يدل بوضوح على مدى الثروة الطائلة المجتناة من تلك الأرض فإنها بلا شك ثروة عظيمة تتوزع على أمراء ثلاثة
التعبير عن فدك بالقرية كما في معجم البلدان وتقدير نخيلها بنخيل الكوفة
كان حاصلها 70 ألف سكة ذهباً إلى مئة ألف وعشرين سكة سنوياً وكانت عيون كثير من المحتاجين تنتظر حاصل فدك كل سنة
اغتصاب فدك
بعد وفاة النبي محمد (ص)أخرج مأموروا أبو بكر عامل الزهراء (ع)من فدك وضموها وحاصلها إلى حكومتهم الغاصبة والسبب الرئيس لإغتصابهم فدك هو تضعيف القدرة الإقتصادية لأهل البيت حتى لا ينجح أي نشاط ضد الخلافة الغاصبة
مطالب الزهراء
وقفت السيّدة الزهراء عليها السلام إلى جانب الإمام عليّ عليه السلام لا بدافع العاطفة الزوجيّة، وإنّما المسؤوليّة الشرعيّة هي الّتي كانت تُملي عليها هذا الموقف. وكانت تعبّر عن رفضها لإغتصاب الخلافة بخروجها مع الإمام عليه السلام إلى مجالس الأنصار لتسألهم النصرة، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أنّ زوجك وابن عمّك سبق إلينا قبل أبي بكر، ما عدلنا به:
واستمرّت الزهراء عليهاالسلام تدعوا الأنصار إلى نُصرة الإمام عليّ عليه السلام دون أن تجد معيناً على ذلك سوى ثلة قليلة من الموالين وقفت إلى جانب أهل البيت في محنتهم وشكلوا معارضة للخلافة الغاصبة في بيت الإمام علي (ع)
وعندما علمت الزهراء باغتصاب فدك لاثت خمارها على رأسها واشتملت بجلبابها وأقبلت في لمة من الهاشميات وسلكت الباب العام للمسجد ولم تدخل من الباب الذي بين بيتها والمسجد بل دخلت من الباب العام الخارجي وهي تطأ ذيولها ومشيتها مشية رسول الله ولعل سبب اختيارها للباب الخارجي هو إعلام الأمة بثورتها ومعارضتها للخلافة المغتصبة وكان لمشيتها المماثلة لمشية رسول الله أثر في نفوس الناس إذ أرهفت الأحاسيس ووطأت القلوب ورجعت بأفكارهم إلى الماضي القريب حيث عهد النبوة المقدس ودخلت على أبي بكر وهو في جمع من المهاجرين والأنصار فنيطت دونها ملاءة فجلست ثم أنت أنة أجهش القوم لها بالبكاء فارتج المجلس ثم أمهلت هنيئة حتى سكنت فورتهم وبدأت خطبتها الفدكية المعروفة التي ذكرت فيها فضل أبيها على الأمة وأفضلية ابن عمها عليهم وأحقيته بالخلافة ثم طالبت بفدك محتجة بآيات من القرآن الكريم أدحضت بها حجته وفندت رأيه ولم تهدف الزهراء (ع)من مطالبتها بفدك تلك الأرض بل كان غرض الزهراء ومقصودها من المطالبة بفدك هو استرداد حق مغتصب وتصحيح مسيرة أمة انقلبت على أعقابها والمطالبة بالخلافة المغتصبة ويكفيا لإثبات ذلك أن نلقي نظرة فاحصة على خطبة الزهراء (ع)فإنها تناولت في أغلب جوانبها امتداح الإمام
والثناء على مواقفه الجهادية وحاولت أن تنبه المسلمين من غفلتهم فالمسألة إذاً ليست مسألة ميراث أوقبض نحلة بل هي قضية حق مضيع وخلافة مغتصبة وضياع أمة لذلك أصرت الزهراء على موقفها المعارض وأكدت ذلك من خلال مواقف أخرى ومن تلك المواقف :
مواجتها لأبي بكر بنفسها في إجتماع خاص
جوابها لأبي بكر وعمر حينما زاراها بقصد الإعتذار منها
خطابها الذي ألقته على نساء المهاجرين والأنصار لما اجتمعن عندها
وصيتها ألا يحضر تجهيزها ولادفنها أحد من خصومها
اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من السائرين على نهج مولاتنا الزهراء والطالبين بثأرها والفائزين بشفاعتها ومرافقتها
المصادر:
فدك في التاريخ للشهيدالسيد محمد باقر الصدر
..........
الاخت ندى الخلف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق