بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 يناير 2016

آليات وطرق للجم جموح النفس..

آليات وطرق للجم جموح النفس..

إن جموح النفس ونفورها يتجلى لنا في مناجاة الإمام السجاد "عليه السلام"
(إلهي أشكو إليك نفسا بالسوء أمارة، وإلى الخطيئة مبادرة، وبمعاصيك مولعة، تسلك بي مسالك المهالك، وتجعلني عندك أهون هالك، كثيرةالعلل، طويلة الأمل، إن مسها الشر تجزع، ميالة إلى اللعب واللهو، مملوءة
بالغفلة والسهو، تسرع بي إلى الحوبة وتسوفني بالتوبة..
عندما نريد أن نكبح جماح هذه النفس يلزمنا أولاً أن نعلم أهمية معرفة هذه النفس
وماهو الطريق لمعرفة مواطن ضعفها من قوتها..!
عندما ننظر لوجود الإنسان نجد فيه أربعة
أمور، العقل، الخيال، الشهوة،، الغضب..
الشهوة والغضب مختصان بالبدن، أما الخيال في النفس، والعقل هو الروح..
بما ان الجهاد مع النفس هو الجهاد الأكبر
يتضح لنا أننا في ساحة حرب داخلية ويجب علينا أن نعرف الأماكن التي يدخل منهاالعدو وفي ذلك قال علي (ع) :"من عرف نفسه فقد انتهى إلى غاية كل علم
ومعرفة "
أبعاد النفس ثلاثة:
الروح : تسمى في الروايات بالعقل وهي منبع الإرادة وهي المحرك للمرتبتين (البدن والنفس) والروح مفطورة على حب الكمال
المطلق وبسببها تميل النفس والبدن لكل لذة
إلا أن الكمال المطلق الوحيد في هذا الوجود هو الله سبحانه وتعالى وإليه ينبغي التوجه..
أماالنفس هي المرتبة الثانية بعد العقل
وهي مرتبطةبالعقل والعقل هو الذي يحركها ويسيرها وهي المكان الذي تجتمع فيه الخيالات والعلوم التي نتعلمها محفوظة فيها..
وتسمى النفس بالقلب من خواصها هي أنها
تجمع بين الجانبين المادي والروحي..
2/العقل أو الروح عندما يفكر يستعمل المواد
الذهنية الموجودة في النفس ويؤلف الصور
ليأتي بأفكار وخيالات جديدة..
هذه الخيالات تفعل داخل النفس فتحصل احوال مختلفة، منها الشوق، الكره، حقد، حسد، محبة،..) ومن هذه الحالات الحاصلة يحصل في النفس إما نور أو ظلمة..
الظلمة تنشأ من الإنفعالات الحاصلة بسبب التعلق بالدنيا، أما النور فهو من الله..
3/البدن: هو جثة هامدة لا ميزة له عن الصخور سوى الشكل لما كان من البدن أي فائدة..
النفس والروح لا يدركون شيئاً آخر إلامن طريق البدن فكل ما  تراه النفس وتحس به انما مصدره البدن..
فالبدن لايشعر ولا يتذوق ولا يشعر ولا يرى
بل النفس هي التي تدرك وتشعر وإن كان للبدن طاقة فهي من النفس والنفس تستمد من الروح..
فعملية الإحساس والتأثر تأتي عن طريق
البدن وحواسه يعني أن النفس والروح أسيران كل مايرد على الحواس يقلب النفس الروح يميناً وشمالا كأن لا سلطة لهما..
فعلينا كسر قيود البدن وأن نكون نحن من يقرر متى نتأثر بما يرد من البدن وأن نؤثر
في حواسنا لا أن تؤثر فينا فعندها يتم الوصول إلى النفس المطمئنة أي ليس فيها
اضطراب بسبب التعلق والتأثر بالدنيا ..
النفس في هذه الدنيا تحب أمور وتبغض أمور وبفعل الإعتياد على هذه التفاعلات
الحاصلة من الحواس والتي تجر الإنسان لمسارات متعددة تتشكل النية وتتحدد ميول الإنسان إما أن يميل إلى الخير أو
إلى الشر ..
كيف إذا نصحح النية؟!
نصحح النية بترسيخ حب الله في القلب
فإذا رسخ ستكون أعمالنا كلها لله لا يشوبها
أي غش ورياء ..لا شئ سوى الله تعالى ..
فإن الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل ..لأن العمل هو ظهور النية بشكل مفصل على جوارح البدن والتصرفات ..
وبناء على ذلك كل عمل نعمله يترك أثرا في النفس بسبب شدة الإتصال بين باطن وظاهر الإنسان ..
أما الروح لها ححابين أساسيين ومنها تتولد كل الحجب هما (النفس والبدن)وبسبب
ارتباطها بهما تتخبط يمينا وشمالا بحثا عن
الكمال إلا أنها لا تجده بسبب الفوضى العارمة التي يثيرانها النفس والبدن بمعاونة
الشيطان ..
ومايجري لنا هو أن البدن يرتع في الدنيا ويتلذذ ويحب ويحقد ويحسد ويتعلق ويرتبط بأمور كثيرة فكل هذه الأحوال والإنفعالات التي تطرأ على النفس وتتجلى
من الباطن إلى الظاهر عن طريق البدن فتثير بذلك فوضى داخلية فيحصل بذلك
ظلمة وهذه الظلمة تسمى (الحجاب)..
فلا يتسنى للروح أن ترى النور الأزلي
(نور الله تعالى)فالصفات الرذيلة يعتبر كل
منها حجاب وكلها متجذرة داخل النفس
ومصدر قوتها وما يغذي جذورها هو التعلق
بما يبعدنا عن الله تعالى ..
فإذا أسكنا اسم الله في القلب تقشعت كل
هذه الحجب وأشرق القلب ،فيحصل الهدوء ويتجلى نور الله في النفس..
ماهي المادة التي تعين الشيطان في وسوسته ؟!
قال النبي"ص":(إياكم وفضول المطعم فإنه
يسم القلب بالفضلة ،ويبطئ الجوارح عن الطاعة،ويصم الهمم ، عن سماع الموعظة ،
وإياكم واستشعار الطمع فإنه يشوب القلب
بشدة الحرص ،ويختم على القلب بطابع
حب الدنيا وهو مفتاح كل معصية ،ورأس
كل خطيئة ،وسبب إحباط كل حسنة )
فكل تفاعل بالحواس يترك أثره في القلب
وهذه الآثار التي تبقى في القلب هي مايتفاعل مع وسوسة الشيطان ،فإذا كان ذكر الله مستول على القلب لن ينقاد القلب
للشيطان عندما يوسوس لأن القلب حينها
لاتوجه له غير الله ..
وماهو ذكر الله ؟! يقول العلامة الطباطبائي
(ذكر الله هو محبته أي أن تستشعر حب الله في قلبك ..)
كيف نوجد حب الله في القلب ؟!
هناك مفهومان ..هو غفلة وانتباه
الغفلة تكون عن أمر موجود ظاهر ولكن لاتنتبه إليه والآيات والروايات تعبر عمن نسي الله عز وجل بالغافل المطلوب منا
هو خلق توجه الله عز وجل وتنبيه النفس
على وجوده والطريق لذلك هو اللسان ،يقول الرسول الأعظم (ص): لايستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه
ولايستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه).
فالطريق للسيطرة على القلب وتوجهه هو
اللسان ..
ينقل أحد تلاميذ العارف الشيخ الأنصاري قائلا: رأيت البارحة في المنام أنك فوق قمة جبل وكنت أنا الآخر أتسلق الجبل لكي
أصل ولم يكن التسلق سهلا ،لم أكن متمكنا
من وضع قدمي ويدي بسهولة ،فقال الشيخ
الأنصاري :(أرأيت كم هو مشكل !هذا طريق عشق والعشق هو الذي يسهل الطريق )
فعندما يستقر عشق الله في القلب سيتجلى الوجود الروحي، فالنور يجري في جميع مراتب النفس والبدن ..
فذكر الله ومحبته لاتدوم في القلب إلا بتحصيل أرضية لها كتقليل الطعام وحليته
فعن الإمام الصادق "ع":(مامن شئ أضر لقلب المؤمن من كثرة الأكل وهي مورثة شيئين :قسوة القلب وهيجان الشهوة )
فكل ما أكل الإنسان أكثر من حاجته فإن جانبه الروحي يضعف وتستيقظ بذلك النفس الحيوانية فيميل الإنسان للشهوات وتصير الأرضية خصبة للشيطان ليثير داخل النفس فيحركنا ويجرنا يمينا وشمالا
كما يجر الحيوان وبسبب ذلك لانستطيع
السيطرة على الخيال وحديث النفس لأن زمامها بيد الشيطان ،ولا بد من تقليل ساعات النوم إلى 6ساعات ،وقلة الكلام
والإنزواء عن الخلق باتخاذ وقت معين يعتزل فيه الإنسان عن كل شئ ..
وبهذه الأمور يشعر بخفة أكثر في الروح وسيتمكن من الإتصال بالله..

المصادر :
موقع بوارق الملكوت ..

الاخت
فاطمة آل عيسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق