بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 يناير 2016

الإلحاد

ماهو الإلحاد؟ وماهي انواعه؟

فهو مصطلح عام يستعمل لوصف تيار فكري وفلسفي يتمركز حوا فكرة إنكار وجود خالق أعظم او أية قوة الهيه بمفهوم الديانات السائدة. وببساطة شديدة فإن الإلحاد يعني إنكار وجود الله لعدم توافر الأدلة على وجوده، فمنطق  الإلحاد  هو " إن ما لم تثبته التجربة العلمية يكون خاطئًا وتافهًا ومنقوصًا من أساسه، ونحن لا نؤمن إلاَّ بالعلم وبالمنهج العلمي، فما تراه العين وتسمعه الأذن وتلمسه اليد، وما يمكن أن يُقاس بالمقياس والمكيال والمخبار وما إلى ذلك من أدوات هذا الحق. وأما ما عدا ذلك مما يخرج عن دائرة العلوم التجريبية ومنهجها فلا نصدقه". هذا مفهوم الإلحاد قديمًا. ثم أكتشف  الإنسان  أن الحواس البشرية تعجز عن إدراك أمور كثيرة وليس معنى هذا أن هذه الأمور غير موجودة، فالعين البشرية تقف عاجزة أمام رؤية الكائنات الدقيقة مثل البكتريا أو الأميبا، بينما تنجح في هذا بواسطة الميكروسكوب، وأيضًا تقف عاجزة أمام إدراك ما يدور حولنا من أجرام سماوية بعيدة جدًا. بينما تنجح في هذا بواسطة التلسكوب، وبينما طائر الكناري يرى جميع الألوان فإن العين البشرية تعجز عن هذا، وبينما للصقر قدرة على رؤية أرنب بين الحشائش، وهو يُحلق على ارتفاع نحو ثلاث كيلومترات، لأنه يُكبّر الصورة ثمان مرات، فإن  الإنسان  يعجز عن هذا، والأذن البشرية تعجز عن التقاط الأصوات التي تلتقطها أذن بعض  الحيوانات  مثل الكلاب والغزلان، التي تلتقط أصوات الزلزال قبل حدوثه بنحو عشرين دقيقة. بل أن الحواس البشرية قد تخدعنا، فالإنسان التائه في الصحراء ملتمسًا النجاة يرى السراب، والسراب ليس حقيقة، والملعقة في كوب الماء نجدها مكسورة وكذلك المجداف في المياه، وهما ليس كذلك.
بسبب ضعف الحجة التي أعتمد عليها الإلحاد قديمًا، وهي عدم إدراك الله بالحواس البشرية، وبعد أن بات العلم الحديث يثبت وجود الله بقوة، وقد تجلَّت القدرة الإلهيَّة في الخلية الحيَّة التي لا تُرى بالعين المجردة، وكذلك بعد التعمق في الفلسفة، حتى أن " فرانسيس بيكون" (1561 -  1626م ) قال " أن القليل من الفلسفة يميل بعقل  الإنسان  إلى الإلحاد، ولكن التعمق فيها ينتهي بالعقول إلى الإيمان"

بسبب التعريف غير الواضح المعالم لمصطلح الإلحاد ووجود تيارات عديدة تحمل فكرة الإلحاد، نشأت محاولات لرسم حدود واضحة عن معنى الإلحاد الحقيقي وأدت هذه المحاولات بدورها إلى تفريعات وتقسيمات ثانوية لمصطلح الإلحاد، وتبرز المشكلة إن كلمة الإلحاد هي ترجمة لكلمة  إغريقية  وهي atheos وكانت هذه الكلمة مستعملة من قبل  اليونانيون القدماء  بمعنى ضيق وهو "عدم الإيمان  بإله " وفي القرن الخامس قبل الميلاد تم إضافة معنى آخر لكلمة إلحاد وهو "إنكار فكرة الإله الأعظم الخالق" كل هذه التعقيدات أدت إلى محاولات لتوضيح الصورة
فالإلحاد هو بمعناه الواسع رفض الإعتقاد أو الإيمان في وجود  الآلهة . وفي المعنى الضيق، يعتبر الإلحاد على وجه التحديد موقف أنه لا توجد آلهة. على العموم يعني مصطلح الإلحاد غياب الإعتقاد بأن أي  الآلهة موجودة . يتناقض هذا الفكر مع فكرة الإيمان بالله أو  إلوهية ، إذ أنّ مصطلح ألوهية يعني الإعتقاد بأنه يوجد على الأقل إله واحد.
تمت بلورة مصطلح إلحاد عقب إنتشار  الفكر الحر   والشكوكيّة العلميّة ، وإزدياد التيارات في  نقد الدين . حيث مال الملحدين الأوائل إلى تعريف أنفسهم بإستخدام كلمة "ملحد" في القرن الثامن عشر خلال  عصر التنوير . شهدت  الثورة الفرنسية  شهد أول حركة سياسية كبرى في التاريخ للدفاع عن سيادة العقل البشري فضلًا عن تيار من الإلحاد لم يسبق له مثيل.

الإلحاد لغة:
          هو الميل.
واصطلاحاً:
         الميل عما يجب اعتقاده او عمله.
والملحدون:
هم الذين يرفضون فكرة وجود قوى فوق طبيعية كالآلهة رفضاً صريحاً.

أنواع الإلحاد:
فيما يبدو ثلاثة أنواع (أو ثلاثة حالات) من الإلحاد , ولا يعني هذا بالضرورة أنها تمثل ثلاثة أنواع من الناس بل ربما يوجد هناك من لديه أكثر من نوع واحد في نفس الوقت، كما لا يعني أنه مقتصر على هذه الأنواع، وهذه الأنواع هي:
1/الإلحاد العاطفي – الإنفعالي2/الإلحاد النفعي – المادي أو البراجماتي3/الإلحاد العقلي – العلميأولا/ الإلحاد العاطفي - الإنفعالي:هذا النوع من الإلحاد يتكون لدى إناس تعرضوا لأزمة أو موقف عاصف في حياتهم – أو كفروا بوجود الخالق بناء على قضية ما أثارتهم وأثرت فيهم – يتكون لديهم شعور بالغضب والسخط على هذا الأمر ويجدون أنه ليس عادلاً وأن من حولهم ممن يذكرون إيماناً بالخالق يكذبون ويستخدمون هذه التبريرات زوراً وادعاءً – وأن الخالق من جملة الخرافات والأوهام التي يسعى الأقوياء بواسطتها إلى السيطرة وبسط النفوذ على الآخرينإن السمة الرئيسية لهذا الإلحاد هي سيطرة مشاعر الرفض والغضب والشعور بالمرارة – وربما يخفي الملحد ذلك الشعور تحت ستار من السخرية والنرجسية والإستعلاء فلا يظهر الغضب في سلوكه ولكنه ينقلب إلى سخرية وهزء بالآخرين واستعلاء عليهم
ثانياً/ الإلحاد المادي – النفعي:وربما يسميه البعض: البراجماتية. وهو أن ينكر الشخص وجود الإله في سبيل مصلحة مادية يرى أنها تتحقق له بذلك أو إذا شعر أن وجود الإله عقبة أمام إحدى غاياته، أو أمام غايات متعددة يرى أن أقصر طريق لحلها هو الإلحاد.هناك أمثلة كثيرة على هذا الإلحاد تتمثل في مواقف متبعيه من التشريعات والقوانين التي جاءت بها الأديان السماوية - كموقف الملحد من الحاجة المادية وتوزيع الثروة إذا كانت له غايات مالية- وموقفه من التشريعات الإجتماعية المتعلقة بالزواج إذا كانت له غايات إباحية- وموقفه الرافض لعبادة أي شيء إذا كان لديه كبرياء ذاتيه تمنعه من ذلك وتمنعه من السجود- وموقفه من الأشخاص المتبعين للأديان الذين يكونون في غالبيتهم من طبقة فقيرة أو متوسطة عندما ينظر إليهم بازدراء وعدم إرادته الاختلاط بطبقتهم – وربطه لواقع الفقر بالدين ورفضه لذلك الواقع.- وربطه الدين ببعض الأشخاص المتدينين الوصوليين وممارساتهم الخاطئة خاصة إذا كان في دينهم تحريف وأشياء مغلوطة فيرفضهم ويرفض أن يصنف بينهم ويرفض معهم فكرة وجود الإله.- وإذا كانت العائلة أو البيئة التي ينتمي إليها ملحدة فيتبعها وينخرط في وسطها الإجتماعي
والملحد المادي شأنه شأن الملحد العاطفي يبحث دوماً عن مبررات علمية لما يقول ويفعل – ويتخذ الكبر والسخرية والهزء بالآخرين وسيلة لهذه التبريرات

ثالثاً/ الإلحاد العلمي – العقلي: وهو الإلحاد الناشئ عن قناعة علمية معينة تتناقض مع مقولات دين من الأديان – خصوصاً إذا جعل ذلك الدين مقولاته تلك من أولوياته أو قواعده الراسخة التي يبني عليها عقيدته وتشريعاته ونظرته للكونتطور هذا النوع في أوروبا في عصر النهضة بسبب قمع الهيئات الدينية للعلم وغضبها على العلماء – وهو وإن لم يكن في البداية إلحاداً كاملاً فقد كان تناقضات مع مقولات الكنيسة جاء به كوبرنيكوس وغاليليو وغيرهم من العلماء وأدى إلى وقوع الخلاف والقطيعة بين الهيئات الدينية والعلماء حتى الوصول إلى مرحلة إلحاد اللاعودة عند كثير من العلماءترافق هذا الإلحاد مع إلحاد عاطفي ناشئ عن الإضطهاد، والعاطفة المحركة لهذا الإلحاد هي الغضب ورفض الخرافة. ورفض الخرافة كان يعني لديهم رفض معتنقيها ورفض كل ما جاؤوا به جملة وتفصيلاً ومن ذلك وجود الإله الذي يتخذونه ذريعة وسبباً للسيطرة حتى على العلوم والتطور – ورغم ما في هذا الرفض من تناقض مع العلم ومع المكتشفات العلمية الحديثة ودقة نظام الكون التي تثبت وجود خالق منسق لأموره، فقد فضلوا أن يعزوا هذا الأمر للطبيعة والصدفة لأن مواصفات الخالق المذكورة لدى تلك المجامع الدينية لم تكن تتسق مع الواقع الملموس وحوت قدراً لا بأس به من الشعوذات والخرافات.

وهناك أنواع للإحاد في أسماء الله , هي :
1/ إنكار شيء من الأسماء، أو ما دلت عليه من الصفات، ومثاله: من ينكر أن اسم الرحمن من أسماء الله تعالى كما فعل أهل الجاهلية، أو يثبت الأسماء، ولكن ينكر ما تضمنته من الصفات كما يقول: بعض المبتدعة: أن الله تعالى رحيمٌ بلا رحمة، وسميعٌ بلا سمع.2/ أن يسمي الله سبحانه وتعالى بما لم يسم به نفسه، ووجه كونه إلحاداً أن أسماء الله سبحانه وتعالى توقيفية، فلا يحل لأحد أن يسمي الله تعالى باسم لم يسم به نفسه، لأن هذا من القول على الله بلا علم ومن العدوان في حق الله عز وجل وذلك كما صنع الفلاسفة فسموا الإله بالعلة الفاعلة، وكما صنع النصارى فسموا الله تعالى باسم الأب ونحو ذلك.3/ النوع الثالث: أن يعتقد أن هذه الأسماء دالة على أوصاف المخلوقين، فيجعلها دالة على التمثيل، ووجه كونه إلحاداً: أن من اعتقد أن أسماء الله سبحانه وتعالى دالة على تمثيل الله بخلقه فقد أخرجها عن مدلولها ومال بها عن الاستقامة.4/ أن يشتق من أسماء الله تعالى أسماء للأصنام، كاشتقاق اللات من الله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان، ووجه كونه إلحاداً: أن أسماء الله تعالى خاصة به، فلا يجوز أن تنقل المعاني الدالة عليها هذه الأسماء إلى أحد من المخلوقين ليعطى من العبادة مالا يستحقه إلا الله عز وجل.

.......
الاخت
رقية الشرياوي

الاثنين، 25 يناير 2016

بين الغاية والوسيلة وبين موقع دنيا فانيه وأخرى أزليه .. أين موقع تهذيب الخلق في جهاد النفس ؟

بين الغاية والوسيلة وبين موقع دنيا فانيه وأخرى أزليه .. أين موقع تهذيب الخلق في جهاد النفس ؟
جهاد النفس يعرف بالجهاد الأكبر ..
جهاد النفس هو الجهاد الأكبر الذي يعلوا على القتل في سبيل الحق تعالى هو في هذا المقام ـأي مرتبة البدن ـ عبارة عن انتصار الانسان على قواه الظاهرية وجعلها تأتمر بأمر الخالق ،وتطهير المملكة من دنس وجود قوى الشيطان وجنوده
سبب تسمية الجهاد مع العدو الخارجي بالأصغر ومع العدو الداخلي (أي النفس) بالأكبر :
هناك عدة وجوه نقتصر على وجهين فقط :
الوجه الأول : أن القوى الأربع الشهوية والغضبية والوهمية والعقلية تتوجد في الإنسان من خلال مراحل حياته لا دفعة واحدة فهو يمتلك الشهوية والغضبية ثم يحصل على الوهمية ثم بعد ذلك على العقلية ،وفي الغالب أن الإنسان يصل إلى كمال القوة العقلية عندما يبلغ الأربعين .
قال صدر المتأهلين في الأسفار: (النفس الآدمية مادام كون الجنين في الرحم درجتها درجة النفوس النباتية على مراتبها وهي إنما تحصل بعد تخطي الطبيعة درجات للقوى الجمادية ، فالجنين الإنساني نبات بالفعل ،حيوان بالقوة لا بالفعل ، إذ لاحس له ولاحركة وكونه حيوانا بالقوه فصله المميز عنه عن سائر النباتات الجاعل له نوعا مبائنا للأنواع النباتية .
واذا خرج الطفل من بطن أمه صارت نفسه في درجة النفوس الحيوانية الى أوان البلوغ الصوري والشخص حينئذ حيوان بشري بالفعل ،إنسان نفساني بالقوة ، ثم تصير نفسه مدركة للأشياء بالفكر والروية مستعملة للعقل العملي . وهكذا إلى أوان البلوغ المعنوي والرشد الباطني باستحكام الملكات والأخلاق الباطنة وذلك في حدود الأربعين غالبا ، فهو في هذه المرتبة إنسان نفساني بالفعل ،وإنسان ملكي أو شيطاني بالقوة يحشر يوم القيامة إما مع حزب الملائكة وإما مع حزب الشياطين وجنودهم ،فإن ساعده التوفيق وسلك مسلك الحق وصراط التوحيد وكمل عقله بالعلم وطهر عقله بالتجرد عن الاجسام يصير ملكا بالفعل من ملائكة الله الذين هم في صفة العالمين المقربين ، وان ضل عن سواء السبيل وسلك مسلك الضلال والجهال يصير من جملة الشياطين أو يحشر في زمرة البهائم والحشرات .
وعلى هذا فإن القوى العقلية حين تحصل في الإنسان تجد أن المناطق المهمة من هذه المملكة قد احتلت من قبل القوى الثلاث السابقه عليها في الوجود ولذا تكون مهمتها في الانتصار على باقي القوى صعبة وشاقة وعسيرة وهذا من قبيل الحرب الخارجية التي يسبق فيها أحد الأطراف الى احتلال المناطق المهمة والإستراتيجية مما يجعل مهمة الطرف الآخر وعملية انتصاره عملية شاقة وصعبة ،ومن هنا وباعتبار هذه الحقيقة وهي تأخر وجود القوة العقلية في الإنسان وصعوبة ومشقة عملها كان جهاد النفس هو الجهاد الأكبر .
الوجه الثاني : وينبني على أن الجهاد الذي يخوضه الإنسان غالبا مع عدوه الخارجي ، فهو جهاد مؤقت بوقت خاص وغير دائم من جهة وأنه يعرف فيه عدوه وخصائصه ووسائله وجهة قدومه وهجومه من جهة أخرى أما في جهاد النفس فإنه دائمي مادام الإنسان حيا بل يشمل حتى حالة نومه فضلا عن يقظته فقد يرى الإنسان في منامه رؤى شيطانية ورحمانية فتعينه الشيطانية على الأعمال الطالحة والخبيثة وتعينه الرحمانية على الاعمال الصالحة والطيبة فهو في جهاد دائم مع نفسه .
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فما أكثر الأمور التي لايعرفها الإنسان عن عدوه الداخلي هذا ، وكم من الأسرار التي لازالت خافية عنه، وعلى هذا يكون الجهاد مع النفس جهادا أكبر ومع العدو الخارجي أصغر . ولذا نقرأ في المأثور:
(أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك )

فصل في التفكر :
أول شروط مجاهدة النفس والسير باتجاه الحق هو التفكير ، وقد وضعه بعض علماء الأخلاق في بدايات الدرجة الخامسة وهذا التصنيف صحيح أيضا في محله ويسبق التفكير الذي ابتدأ به الإمام الخميني (قدس سره) مراحل أربع في رتبة البدايات التي لها عشرة مقامات أو منازل أو مراحل وهذه الأربع السابقة هي :
1ـ اليقظة وهي مرحلة الخلاص من الغفلة وقد ورد (الناس نيام فإذا ماتوا إنتبهوا) لأن الموت يوقظ الإنسان من الغفلة (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) وعلى الانسان أن يميت نفسه قبل أن يحل به الموت الذي لامفر منه (موتوا قبل أن تموتوا ) وذلك بأن يميت في نفسه الشهوات بأن يجعلها تحت إمرة الشرع والعقل ، فإذا فعل ذلك واسيقظ من غفلته دخل في حصن ذكر الله المنيع واطمأن به (ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) وأمن من شياطين الجن والأنس بل ورد في الروايات أن الحيوانات لاتصطاد الا اذا كانت في غفلة عن ذكر الله تبارك وتعالى ناهيك عن الانسان . ولايخطر على بال أحد أن مرادنا من الذكر هنا هو الذكر اللساني فقط وإن كان هذا مرتبة من المراتب أيضا أن يكون ذاكرا لله تبارك وتعالى حتى تتم اليقظة المطلوبة .
2ـ التوبة وهي المنزلة الثانية التي يصلها الانسان بعد اليقظة ونعني بها الرجوع من المخالفة الى الموافقة ، من مخالفة الله عز وجل الى موافقته سبحانه وتعالى

3ـ المحاسبة وتلي منزلة التوبة حيث يحاسب الإنسان نفسه على ماصدر منها ليتهيأ بذلك الى منزلة الإنابة
4ـ الإنابة فبعد أن يحاسب الإنسان نفسه ينتقل إلى مرحلة الإنابة وفرقها عن التوبة أن الانسان بتوبته يرجع من الخالفة الى الموافقة وفي الانابة يرجع من الموافقة الى الله سبحانه وتعالى
(كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري الى الله قال الحواريون نحن أنصار الله )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر : التربية الروحية بحوث في جهاد النفس
السيد كمال الحيدري               
الاخت
زاده الشرفا

الجمعة، 22 يناير 2016

آليات وطرق للجم جموح النفس..

آليات وطرق للجم جموح النفس..

إن جموح النفس ونفورها يتجلى لنا في مناجاة الإمام السجاد "عليه السلام"
(إلهي أشكو إليك نفسا بالسوء أمارة، وإلى الخطيئة مبادرة، وبمعاصيك مولعة، تسلك بي مسالك المهالك، وتجعلني عندك أهون هالك، كثيرةالعلل، طويلة الأمل، إن مسها الشر تجزع، ميالة إلى اللعب واللهو، مملوءة
بالغفلة والسهو، تسرع بي إلى الحوبة وتسوفني بالتوبة..
عندما نريد أن نكبح جماح هذه النفس يلزمنا أولاً أن نعلم أهمية معرفة هذه النفس
وماهو الطريق لمعرفة مواطن ضعفها من قوتها..!
عندما ننظر لوجود الإنسان نجد فيه أربعة
أمور، العقل، الخيال، الشهوة،، الغضب..
الشهوة والغضب مختصان بالبدن، أما الخيال في النفس، والعقل هو الروح..
بما ان الجهاد مع النفس هو الجهاد الأكبر
يتضح لنا أننا في ساحة حرب داخلية ويجب علينا أن نعرف الأماكن التي يدخل منهاالعدو وفي ذلك قال علي (ع) :"من عرف نفسه فقد انتهى إلى غاية كل علم
ومعرفة "
أبعاد النفس ثلاثة:
الروح : تسمى في الروايات بالعقل وهي منبع الإرادة وهي المحرك للمرتبتين (البدن والنفس) والروح مفطورة على حب الكمال
المطلق وبسببها تميل النفس والبدن لكل لذة
إلا أن الكمال المطلق الوحيد في هذا الوجود هو الله سبحانه وتعالى وإليه ينبغي التوجه..
أماالنفس هي المرتبة الثانية بعد العقل
وهي مرتبطةبالعقل والعقل هو الذي يحركها ويسيرها وهي المكان الذي تجتمع فيه الخيالات والعلوم التي نتعلمها محفوظة فيها..
وتسمى النفس بالقلب من خواصها هي أنها
تجمع بين الجانبين المادي والروحي..
2/العقل أو الروح عندما يفكر يستعمل المواد
الذهنية الموجودة في النفس ويؤلف الصور
ليأتي بأفكار وخيالات جديدة..
هذه الخيالات تفعل داخل النفس فتحصل احوال مختلفة، منها الشوق، الكره، حقد، حسد، محبة،..) ومن هذه الحالات الحاصلة يحصل في النفس إما نور أو ظلمة..
الظلمة تنشأ من الإنفعالات الحاصلة بسبب التعلق بالدنيا، أما النور فهو من الله..
3/البدن: هو جثة هامدة لا ميزة له عن الصخور سوى الشكل لما كان من البدن أي فائدة..
النفس والروح لا يدركون شيئاً آخر إلامن طريق البدن فكل ما  تراه النفس وتحس به انما مصدره البدن..
فالبدن لايشعر ولا يتذوق ولا يشعر ولا يرى
بل النفس هي التي تدرك وتشعر وإن كان للبدن طاقة فهي من النفس والنفس تستمد من الروح..
فعملية الإحساس والتأثر تأتي عن طريق
البدن وحواسه يعني أن النفس والروح أسيران كل مايرد على الحواس يقلب النفس الروح يميناً وشمالا كأن لا سلطة لهما..
فعلينا كسر قيود البدن وأن نكون نحن من يقرر متى نتأثر بما يرد من البدن وأن نؤثر
في حواسنا لا أن تؤثر فينا فعندها يتم الوصول إلى النفس المطمئنة أي ليس فيها
اضطراب بسبب التعلق والتأثر بالدنيا ..
النفس في هذه الدنيا تحب أمور وتبغض أمور وبفعل الإعتياد على هذه التفاعلات
الحاصلة من الحواس والتي تجر الإنسان لمسارات متعددة تتشكل النية وتتحدد ميول الإنسان إما أن يميل إلى الخير أو
إلى الشر ..
كيف إذا نصحح النية؟!
نصحح النية بترسيخ حب الله في القلب
فإذا رسخ ستكون أعمالنا كلها لله لا يشوبها
أي غش ورياء ..لا شئ سوى الله تعالى ..
فإن الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل ..لأن العمل هو ظهور النية بشكل مفصل على جوارح البدن والتصرفات ..
وبناء على ذلك كل عمل نعمله يترك أثرا في النفس بسبب شدة الإتصال بين باطن وظاهر الإنسان ..
أما الروح لها ححابين أساسيين ومنها تتولد كل الحجب هما (النفس والبدن)وبسبب
ارتباطها بهما تتخبط يمينا وشمالا بحثا عن
الكمال إلا أنها لا تجده بسبب الفوضى العارمة التي يثيرانها النفس والبدن بمعاونة
الشيطان ..
ومايجري لنا هو أن البدن يرتع في الدنيا ويتلذذ ويحب ويحقد ويحسد ويتعلق ويرتبط بأمور كثيرة فكل هذه الأحوال والإنفعالات التي تطرأ على النفس وتتجلى
من الباطن إلى الظاهر عن طريق البدن فتثير بذلك فوضى داخلية فيحصل بذلك
ظلمة وهذه الظلمة تسمى (الحجاب)..
فلا يتسنى للروح أن ترى النور الأزلي
(نور الله تعالى)فالصفات الرذيلة يعتبر كل
منها حجاب وكلها متجذرة داخل النفس
ومصدر قوتها وما يغذي جذورها هو التعلق
بما يبعدنا عن الله تعالى ..
فإذا أسكنا اسم الله في القلب تقشعت كل
هذه الحجب وأشرق القلب ،فيحصل الهدوء ويتجلى نور الله في النفس..
ماهي المادة التي تعين الشيطان في وسوسته ؟!
قال النبي"ص":(إياكم وفضول المطعم فإنه
يسم القلب بالفضلة ،ويبطئ الجوارح عن الطاعة،ويصم الهمم ، عن سماع الموعظة ،
وإياكم واستشعار الطمع فإنه يشوب القلب
بشدة الحرص ،ويختم على القلب بطابع
حب الدنيا وهو مفتاح كل معصية ،ورأس
كل خطيئة ،وسبب إحباط كل حسنة )
فكل تفاعل بالحواس يترك أثره في القلب
وهذه الآثار التي تبقى في القلب هي مايتفاعل مع وسوسة الشيطان ،فإذا كان ذكر الله مستول على القلب لن ينقاد القلب
للشيطان عندما يوسوس لأن القلب حينها
لاتوجه له غير الله ..
وماهو ذكر الله ؟! يقول العلامة الطباطبائي
(ذكر الله هو محبته أي أن تستشعر حب الله في قلبك ..)
كيف نوجد حب الله في القلب ؟!
هناك مفهومان ..هو غفلة وانتباه
الغفلة تكون عن أمر موجود ظاهر ولكن لاتنتبه إليه والآيات والروايات تعبر عمن نسي الله عز وجل بالغافل المطلوب منا
هو خلق توجه الله عز وجل وتنبيه النفس
على وجوده والطريق لذلك هو اللسان ،يقول الرسول الأعظم (ص): لايستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه
ولايستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه).
فالطريق للسيطرة على القلب وتوجهه هو
اللسان ..
ينقل أحد تلاميذ العارف الشيخ الأنصاري قائلا: رأيت البارحة في المنام أنك فوق قمة جبل وكنت أنا الآخر أتسلق الجبل لكي
أصل ولم يكن التسلق سهلا ،لم أكن متمكنا
من وضع قدمي ويدي بسهولة ،فقال الشيخ
الأنصاري :(أرأيت كم هو مشكل !هذا طريق عشق والعشق هو الذي يسهل الطريق )
فعندما يستقر عشق الله في القلب سيتجلى الوجود الروحي، فالنور يجري في جميع مراتب النفس والبدن ..
فذكر الله ومحبته لاتدوم في القلب إلا بتحصيل أرضية لها كتقليل الطعام وحليته
فعن الإمام الصادق "ع":(مامن شئ أضر لقلب المؤمن من كثرة الأكل وهي مورثة شيئين :قسوة القلب وهيجان الشهوة )
فكل ما أكل الإنسان أكثر من حاجته فإن جانبه الروحي يضعف وتستيقظ بذلك النفس الحيوانية فيميل الإنسان للشهوات وتصير الأرضية خصبة للشيطان ليثير داخل النفس فيحركنا ويجرنا يمينا وشمالا
كما يجر الحيوان وبسبب ذلك لانستطيع
السيطرة على الخيال وحديث النفس لأن زمامها بيد الشيطان ،ولا بد من تقليل ساعات النوم إلى 6ساعات ،وقلة الكلام
والإنزواء عن الخلق باتخاذ وقت معين يعتزل فيه الإنسان عن كل شئ ..
وبهذه الأمور يشعر بخفة أكثر في الروح وسيتمكن من الإتصال بالله..

المصادر :
موقع بوارق الملكوت ..

الاخت
فاطمة آل عيسى