بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 25 ديسمبر 2015

سيكولوجية العنف

سيكولوجية العنف:
        يرى القبانجي (2000) أن العنف صورة من صور القصور الذهني حيال موقف، والعنف وجه آخر من أوجه النقص التقني في الأسلوب والإبداع في حل ومواجهة معضلة وقد يصل العنف لمراحل الانهيار العقلي والجنون كما قد يكون وسيلة من وسائل العقوبة والتأديب أو صورة من صور تأنيب الضمير على جرم أو خطيئة مرتكبة ولن يتعدى في كل أحواله القصور الذهني والفكري لدى الإنسان وهو في حالة من حالاته اضطراب في افرازات الغدد الهرمونية في جسم الفرد وعدم تناسب أو انتظام في التوزيع الهرموني داخل الجسم الذي قد ينتج أحياناً عن سوء في التغذية أو سوء اختيار نوعيتها.
        وأياً ما تكون العلة الفسيولوجية أو البيئية فالعنف مرفوض حضارياً وأخلاقياً وسلوكياً واجتماعياً ولكن ما اقتنع مجتمع أو فرد بالعنف إلا وكانت له جذور. والعنف دليل من دلائل النفس غير المطمئنة وصورة للخوف من الطرف الآخر مهما تعددت أشكال ذلك الخوف، وانعكاس للقلق وعدم الصبر والتوازن، ووجه من وجوه ضيق الصدر وقلة الحيلة وقد يؤدي العنف بصاحبه إلى تصرفات غير مقبولة فتراه يضرب نفسه أو ينطح رأسه بالجدار أو يقطع شعر رأسه ألماً وانتقاماً من فكرة أو وسوسة في الدماغ قد لا يكون لها أساس من الصحة والمنطق. وهو أي العنف في مثل هذه المراحل يكون مؤشراً لضعف الشخصية ونقصان في رباطة الجأش وتوازن السلوك.
        والعنف في وجه من وجوهه حلوى مسمومة للصغار والأطفال ومدرسة سلبية للشباب في سنين المراهقة وخداع لعقولهم في خط الحياة والمستقبل وتضليل لمسار الفكر الإنساني في عقولهم وتطبيع نفوسهم على القسوة الكامنة في العنف والتي قد تتحول في النفس إلى عنف من نوع آخر لا تحده حدود غير الحقد والكراهية مثل حالات القتل الجماعي والتمثيل الجسماني .. الخ.
        وقد تتحول القسوة والفظاظة في العنف من صفة الاكتساب إلى صفة الوراثة فالاغتصاب والقسوة الجنسية مثلاً لن يخلفا إلا كمداً ولن يزرعا إلا اضطراباً وحسرة في النفس المتلقية والجنين المولود وبذلك تخلق معادلة الكآبة وتستمر لا تنتهي بانتهاء الحياة بل تتوالد من جديد في أصلاب قادمة. وهكذا خلف الأجداد العنف في أرحام نسائهم وأورثناه نحن في أولادنا وهلم جرا وإن كان كامناً في صبغة من أصباغ ملايين الحيامن المنوية وهكذا تجد العنف متلبساً في بعضنا تلبس الشيطان ومتقمصاً فينا تقمص الذئب لا يتوقف ولا ينتهي بل يخلق عنفاً آخر.
        إن لتربية الأسرة وسلوكية الأبوين أثراً بالغاً في تحديد الشخصية العنيفة العدوانية إذ يتوخى الأطفال الذكور تقليد الأب والانجرار خلف سلوكياته والتطبع بها دون مراعاة للقيم التي قد لا يعرفونها بعكس الإناث اللواتي يتوخين تقليد سلوكيات أمهاتهن دون مرعاة للقيم التي قد لا يعرفنها أيضاً. وبديهي أن هذا الانجرار يصاحبه مباركة من الأبوين أو لنقل التغاضي عنهما أما المهاترات والضرب العائلي فينتقل بصورة لا إرادية وبالمحاكاة إلى الأطفال ليصبح سلوكية الأبناء بالروح العدوانية والتهجمية المصاحبة للعنف وعليه ينصح علماء الاجتماع بعدم استعراض أي من تلك الحالات أمام الأطفال ولتكن بمعزل عنهم.
        وعلى الرغم من اختلاف تأثير الحرمان الأمومي وحتى الأبوي من طفل لآخر ومن مجتمع لآخر علاوة على التمييز والتفريق بين الأطفال ببعضهم البعض وعلى الرغم من أن الكثير من الأطفال المحرومين ينشأون بصورة سلوكية سوية بعدئذ إلا أن الحرمان الأمومي والأبوي بكافة جوانبه المادية والمعنوية يعتبر من أهم حوافز ومولدات العنف والسلوك غير الهادي وذلك نظراً لما يتركه هذا الحرمان من آثار عميقة في المجالات الذهنية والاجتماعية والعضوية أحياناً وحتى على كيماويات الافرازات الهرمونية في جسم الفرد.
        وتتجلى آثار الحرمان الأمومي والأبوي كظاهرة منتشرة في دراسة بيرز واوبرز (1950) على عينة من 38 مراهقاً سبق وأن دخلوا مؤسسات الرعاية الاجتماعية بين الأسبوع الثالث والسنة الثالثة من عمرهم حيث لوحظت تلك النتائج بصورة جلية في أعمارهم بين السنة السادسة عشرة والثامنة عشرة حيث تعرض 21 شخصاً منهم إلى اضطرابات وطبيعة عدوانية وشراسة حادة بينما عانى أربعة فتيان من العينة ذاتها من التخلف العقلي وعاقد اثنان منهم العصاب ولم ينج إلا سبعة مراهقين حيث كان سلوكهم مقبولاً. وتتجلى انعكاسات الحرمان الأمومي بصورة واضحة على التوأم وكذلك الأطفال المولودين بصورة متعاقبة وبفاصل زمني متقارب.
        وليس هذا فقط بل إن الصدمات النفسية المبكرة والإعداد غير السليم لوضع المراهقين والنشاط الجسمي وعدم القدرة على تحقيق الرغبات كل ذلك يزيد الانفعالية الناتجة عن عدم الانتظام في الافرازات الهرمونية في خلايا الجسم والذي يؤدي بدوره إلى السلوكية العدوانية والعنف.
        كما أن القهر الاجتماعي هو الآخر من أحد أهم مكونات العنف ليس للفرد فحسب بل في المجتمع أيضاً إذ أن مسألة الازدراء والسخرية والاستهزاء بالشخصية خصوصاً بين الأطفال والشباب أو حتى في الأسرة الواحدة كفيلة بأن تزيد الافرازات الهرمونية العصبية والعدوانية في الجسم  لتثير في الفرد روح العنف والحقد والكراهية واستخدام القوة للرد ورفع القهر الناتج عن الاستهزاء إذ تشير العديد من التقارير المدرسية بأن أكثر المشاكل العنيفة بين الطلاب كانت بسبب السخرية والاستهزاء وتسلط الكبار على الصغار كما تذكر تقارير من اليابان بأن هذا القهر الناتج عن الاستهزاء أدى إلى انتحار تسعة طلاب دون الرابعة عشرة من العمر في العام 1985م كان أحدهم فتى هادئاً وديعاً.
        إن القهر الاجتماعي لا يتوقف عند السخرية والاستهزاء بل يتعدى ذلك ليأخذ أشكالاً أخرى متعددة فمن عدم المساواة الشخصية والنبذ الاجتماعي واغتصاب الحقوق واختلاف اللغة أو القهر اللغوي وعدم العدالة في بعض المواقف الإدارية والتربوية والقانونية كلها عناصر مولدة للعنف والعدوان الفردي والاجتماعي فكثيراً ما نلاحظ أن القهر الإداري يدفع الموظف لركل الطاولة أو إغلاق الباب بعنف وقوة أو الانفجار بالسباب أحياناً كثيرة.
        ولا ننسى أن نشير هنا إلى أن العنف هو صورة الأنا والأنانية في الفرد وأن العلاقة بينهما مضطردة فكلما زادت الأنا كان العنف هناك فالتهمة الشخصية كالتكفير والزندقة والتهجم وإهانة الشخصية كلها عوامل تذكي الأنا العدوانية عند الفرد وتزيد من حساسيتها.
        وعلى الرغم من كثرة البحوث التي تشير إلى سلبية تأثير وسائل الإعلام كافة واعتبارها أحد أهم وسائل انتشار العنف المكتسب لدى الأطفال والمراهقين شأنها بذلك شأن الأفلام الجنسية المثيرة للمراهقين إلا أن تلك الوسائل الإعلامية ومن يقف ورائها من الناشرين والمخططين ما زالت تتخذ من مادة العنف والجريمة، والقتل وحوادث الاعتداء والتفجيرات والاغتيالات وقتل الأطفال .. الخ مادة دسمة لإخبارها وإعلامها حتى بلغت نسبة هذه الأحداث 75% من المادة الإخبارية في الوقت الذي تبلغ فيه المادة العلمية 25% في مجمل المادة الإخبارية وحبذا لو تتغير النسبة ويتغير أسلوب العرض الإخباري حرصاً على الأجيال القادمة ولنسجل بذلك سبقاً صحفياً وإعلامياً ونفسياً على الغرب.
        إن الشيء الملفت للنظر والجدير بالإشارة هو أن التنشئة الاجتماعية وحتى الأسرية للفرد مبنية على تركيز رفع درجات الحقد والكراهية والانتقام ضد الأسرة المعارضة أو المجتمع المعارض في الطرف الآخر متناسيين العوارض الجانبية لهذا التركيز حيث أن الحقد والكراهية والانتقام قد تتأصل في النفس أو المجتمع وتعود على بعضه بالوبال وبذلك ينطبق المثل القائل على نفسها جنت براقش ومتناسيين بذلك أيضاً أن الكذب وعدم العدالة من أسرع الصفات السلبية التي تتأصل في النفس البشرية ومن أهم مقومات العنف.
        ويعتبر الاستفزاز في الكثير من الدراسات العالمية من أهم محفزات ومكونات العنف سواء كان ذلك للأطفال والشيوخ والحوامل حتى الحيوانات إذ أن تأثيره غير العادي على تغيير افرازات الغدد الجسمية للطرف الآخر كفيل بخلق الاضطراب النفسي والفكري المصاحب للعنف والعدوانية حيث تجد الكثير من أولئك الذين يدفعهم الاستفزاز للاعتداء وتحطيم الأثاث والسيارات وكل شيء أمامهم أو ركل الكرسي وتحطيم النوافذ وإغلاق الباب بقوة وغضب كرد فعل عنيف للإحباط وعدم الرضا والقهر أحياناً أخرى.
        وهاتان الخصلتان الاستفزاز والتنشئة الاجتماعية المنزلية كانتا السبب لدى الكثير في رفع الروح العدوانية والعنف المدرسي فالتنشئة الاجتماعية المنزلية المبنية على الردع والذم والسباب .. الخ تخلق الروح العدوانية المكبوتة لدى الطفل بينما يساعد الاستفزاز على تأجيح تلك الروح العدوانية لدى الطفل وهو ما يؤدي إلى تلك الصراعات المدرسية قبل بداية الدوام وعند انتهاء الدوام وخروجهم إلى المنازل.
        إذ تشير الدراسات التربوية المدرسية إلى أن نسبة 85% من تلك الصراعات الطلابية العدوانية ترجع إلى كل من الاستفزاز والسخرية والتربية أو التنشئة المنزلية إذ أن 75% من هؤلاء هم من ذوي العائلات ذات المشاكل الأسرية غير السليمة.
.............

المصادر:
كتاب (العنف في عالم متغير )
تاليف   الاستاذ الدكتور زكريا  يحيى لال
............
الاخت
زاده الشرفا

الأحد، 13 ديسمبر 2015

التربية السليمة ودورها في مواجهة الانحراف عن الفطرة السليمة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين  سيدنا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين
في نظرنا ان للخلقة اهدافا وضوابط وبرامج ونظاماتقوم عليه،والموجودات  ومن بينهم  الانسان لم تخلق عبثا كما عبر ذلك  القران الكريم في خطابه للكفار الذين يظنون بان خلق الانسان والكون عبثا ومن غير حساب
فالتربيه من المسؤوليات الكبيره لدى الانسان
فماهي التربيه؟
لغة:انشائ الشيئ حالا جمالا الئ حد التمام
اصطلاحا:مجموعة العمليات التي يستطيع  المجتمع ان ينقل معارفه وأهدافه المكتسبة ليحافظ ع بقائه،وتعني في الوقت نفسه التجدد المستمر لهذا التراث،فهي عملية نمو وليست لها غايه الا المزيد من النمو،انها الحياة نفسها بنومها وتجدد ها
يعتقدهيربارت ان علم التربيه علم يهدف الئ تكوين الفرد من اجل ذاته
اما دانك كيم فيرئ فيهاتكوين الافراد تكوينااجتماعيا

اهداف التربيه
هناك اهداف فردية وجماعية
الاهداف الفرديه :في مجال الروحي والنفسي والهدف منه ايجاد نفسيه  متوازنة تنمو بعيدةا عن الصراعات التي تمليها الابعاد الوجودية للانسان
الاهداف الاجتماعي: من الاهداف  المهمه اعدادها لممارسة ادوارها الاجتماعيه لانها عضو من اعضاءالمجتمع وع هذا الاساس يجب ان نصنع فيها فردا نافعا وفعالا

اهمية التربيه
ان التربيه السليمه التي تكون مطابقة للفطرة الواقعيه  للانسان ولايوفق المربي الئ ذلك الا عند  مايدرك جميع الميول والغرائز الطبيعيه في الانسان اولا  والعمل ع تنمية تلك الميول وارسالها في مقام التربيه ثانيا
اهداف التربيه
هناك اهداف فردية وجماعته
الاهداف الفرديه :في مجال الروحي والنفسي والهدف منه ايجاد نفسيه  متوازنة تنمو بعيده عن الصراعات التي تمليها الابعاد الوجودية للانسان
الاهداف الاجتماعي: من الاهداف  المهمه اعدادها لممارسة ادوارها الاجتماعيه لانها عضو من اعضاءالمجتمع وع هذا الاساس يجب ان نصنع فيها فردا نافعا وفعالة
مواجهة الانحراف عند الابنائ ودور الاسره فيه
يجب ع الاسره تربية ابنائها تربيه سليمه مبنية ع القيم  تركز ع مصدرين رئيسيين هما القران الكريم والسنه النبويه وهذان يعتبران الركيزة الاساسيه في حياة المسلمين لكن قد يحدث خلل عند بعض الابنائ  نتيجة تغذية افكار اخرى تساهم فيها جهات شتى المدرسه او وسائل الاعلام المتنوعه او بعض الجلسائ فيؤدي به ذلك الا انحراف فكري في التهور و التطرف
ولهذا فانه يجب ع الاسره ان تكثف جهودها لمواجهة هذا التحدي الداخلي بشتى السبل فيبدا  بالنصح والارشاد وهذا هو اهم عنصر لان الانسان يقبل التاثر بالتوجيه اذ ان طبيعة البشر مرنه فيذكر الله ويبين له ان فعله هذافيه غضب الله وهذا النصح لا بد ان يكون باسلوب حسن بعيد عن الجفاف اللفظي مبني ع الحكمه (ادع الا سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه)
وان الاسلام دين الفطره كما قال رسول الله ص (مامن مولود  الا يولد ع الفطرة  فابواه يهودانه اوينصرانه اويمجسانه)
وان خط الانحراف يبدا بعد الولاده حين تتلقف المولود بيئة ملوثه في عقائدها  واخلاقها، ولهذا كانه ع التربيه انتحافظ ع هذه الفطره في المولود تتعهدها بالرعاية والتوجيه
العلاج
الاسلام اعطى مزيد من الاهتمام للاسرة وافرادها بتنقية اجوائ العلاقات  وصنع القيم الانسانيه  والاخلاقية بين افرادها بحيث يشعر كل فرد صغير  ام الكبير انه ع قدر من الاهميه داخل الاسره.     

المصادر                                                                
تربية الفتاة في الاسلام 
الكاتب الدكتور علي القائمي.

الطفل بين الوراثة والتربيه. 
الشيخ محمد تقي فلسفي                                                                                                         الاسس التربويه
كاتب خالد الرميضي.

بقلم الاخت
عطيات الدؤود

الأحد، 29 نوفمبر 2015

دور الامام الحسن عليه السلام في تربية الأمة

دور الامام الحسن في تربية الأمة

إن الإمام الحسن تولى امة عصفت بها الأحداث والفتن فالاحداث تداعت الى ان اوصلت معاوية على راس سلطة تستحوذ على كل موازين القوة
فقد نشأت الدولة الأموية تخدع العامة بدهائها وتشتري الخاصة باموالها الى ان وصلت إلى أحكام الدين تدس فيها وتفسد
بينما في المقابل جاء الإمام الحسن ليجد نفسه أمام مرحلة طويلة من الأعداد وترميم المواقع
بجميع نواحيها
ولأن قرار الحرب بين السلطة الشرعية وبين التمرد الذي يمثله معاوية يخدم معاوية
لذلك كان الصلح هو النتيجة الطبيعية لاختلال موازين القوى بين الطرفين وإدراكا من الإمام بضرورة حفظ كيان الإسلام وصيانته اختار الصلح
فبعد صلح الإمام استطاع فضح معاوية وهدم كل مبانيه هنا كان الإمام يهيئ الناس لثورة فعندما يرون ظلم معاوية تتحرك في نفوسهم الثورة
فبخطاب معاوية للناس ((اني ماقاتلتكم لتصوموا ولا تصلوا))
حينها أدرك الناس حقيقة معاوية  وبذلك يكون الإمام أظهر الحق وازهق الباطل
في بداية عام 41ه عزم الإمام على العودة إلى المدينة وهناك بدأ مسيرته في إعداد الأمه إعداد فقد تفرغ في هذه المرحلة لنشر الإسلام وخدمة الدين 
اقام في المدينة عشر سنوات افاض خلالها على أهل المدينة من علمه وحنانه بعد أن اقام مدرسة علمية بالمدينة استطاع من خلالها تربية كوكبة من طلاب العلم  منهم ابنه الحسن المثنى والمسيب بن نخبة وسويد بن غفلة والكثير
أصبحت يثرب عاصمة العلم وأصبح الإمام ملاذ الباحثين والدارسين
كما تصدى للانحرافات الدينية التي كانت تودي لمسخ الشريعة والسنة
لم يعتمد الإمام على نشر العلم فقط با ركز على مكارم الأخلاق والتادب تاسيا بنبي الرحمة وهو منبع الأخلاق كل ذلك لإصلاح الأمة وتهذيبها
وقد كان الإمام الحصن المنيع الذي يلجأ اليه والملاذ الذي يلوذ به
وبذلك استطاع الإمام من تربية الأمة وتثقيفها على مفاهيم الرسالة وتفاصيل الأحكام

.........
الاخت
هدى المسلم

الخميس، 26 نوفمبر 2015

الحسن عليه السلام ما وراء صفحات التاريخ الظالمة

الحسن ماوراء صفحات التاريخ الظالمه

بداية الأزمة :
بعد أن أطلعه جموع الناس البيعة للإمام الحسن (ع) قام الإمام عليه السلام بدوره في إدارة الدولة الإسلامية فاختار العمال والولاة على المناطق الإسلامية ، ورسم مخطط تنظيم شؤون الدولة وإعداد مستلزمات إدارة النظام السياسي في الأمة .في الجبهه المقابلة كان معاوية آنذاك مستمرا في تنفيذ مخطط المؤامرات السياسية .. هذا المخطط الذي بدأ منذ عهد أمير المؤمنين عليه السلام والذي كان يهدف معاوية بذلك الى توسيع مملكته وبسط نفوذه الى خارج حدود الشام .. وحينما علم معاوية بأن الناس قد اجتمعت على بيعة الحسن عليه السلام أثار الفتن الداخلية بهدف زعزعة الأوضاع واشاعة القلاقل في الداخل فبدأ بإرسال الجواسيس الى عاصمة الدولة الإسلامية في الكوفه ومدينة البصرة ذات الثقل الاجتماعي والسياسي المميز ، فأرسل معاوية رجلا الى الكوفة وآخر الى البصرة وقد طلب من هذين الجاسوسين مراقبة الأوضاع السياسية في العاصمة (الكوفة ) ومدينة البصرة ورصدد حجم ولاء الجماهير للإمام الحسن (ع) .. غير أن خطة التآمر هذه لم تنجح حيث تم القبض على الجاسوسين ، وأمر الإمام الحسن عليه السلام بإعدامهما في الساحات العامة أمام الناس .. ومن جهة أخرى أعرب الرأي العام الإسلامي عن سخطه إزاء المؤامره الأموية فيما كشف الإمام الحسن (ع) عن خطط معاوية من وراء إرسال الجواسيس ،فأرسل خطابا شديد اللهجة يعلن فيه الإمام الحسن عن استعداده لخوض الحرب ضد جبهة التمرد التي يقودها معاوية . من جهة ثانية استطاع الإمام الحسن (ع) في هذه الرسالة أن يسحب البساط من تحت معاوية في أن يمتلك زمام المبادرة في تقرير الحرب ضد الدولة الإسلامية وكان جواب معاوية على رسالة الإمام خاليا من الإثارة وكان يريد التملق ليبعد عن نفسه قضية إرسال الجواسيس .
وقفة مع رواية الصلح .. الشبهة والردود :
اناا بحاجة الى أن نتوقف حول ما أثير بالنسبة الى مسألة الهدنة أو (الصلح) كون أنها أحيطت بملابسات كثيرة ممايدفع ذلك الى تدقيق النظر في هذه المسالة خاصة
الأول : أنه قد لوحظ أن العديد من الكتب التي تناولت تاريخ الإمام الحسن (ع) قد جمدت عند الحديث عن ما أسمته ب (معاهدة الصلح ) في حين ان البعض قد اختار الصلح كعنوان لها مما عكس أثرا سلبيا في ذهنية القارئ بحيث أوصلته الى فكرة باطلة وهي أن الإمام الحسن رجل الصلح والدعة والجمود وحاشاه ذلك في وقت كان حري بهؤلاء أن يدرسوا بموضوعية الظروف التي مرت بها الأمة الإسلامية ، وماهي طبيعة الإتفاقية التي أجراها معاوية والإمام الحسن (ع) وماهو هدف الامام الحسن عليه السلام من وراء تلك الإتفاقية الى غير ذلك من التساؤلات ولعل الدافع الرئيسي في تركيز الكتاب والباحثين والمحللين التاريخيين على مسألة الصلح بحيث جهد هؤلاء في إيراد حشد أكبر قدر من الأخبار والنصوص التاريخية والتي نقلوها مباشرة دونما تمحيص أو تدقيق الى أوراق البحث إنما يرجع ذلك الى وقوع البعض في شرك أحد هذين المحذورين وهما :
الأول : المصادر التاريخية
من خلال مطالعة الغالبية العظمى من المصادر التاريخية التي تناولت حياة الامام الحسن (ع) نجد أن هذه المصادر اكتفت بالمرور الخاطف على الأحداث التي سبقت هذه الإتفاقية ولم تنته عند هذا الحد بل حاولت تضخيم مسألة الصلح عبر رصد وتسجيل جميع النصوص المتعلقة بهذا الأمر .  أما البعض الاخر من المصادر التاريخية فقد اختصرت الحديث حول تاريخ الإمام الحسن عليه السلام في قضية الصلح واعتبرته الحادثة الكبرى في حياة الإمام عليه السلام دونما الحديث في خلفية هذه القضية وجذورها .. والمشكله هنا أن حركة تدفق النصوص والأخبار نشطت وراجت بين المصادر التاريخية وكما هو معروف أن مهمة هذه المصادر هي نقل كافة النصوص المتعلقة بالقضية المطروحة دونما النظر في صحة أو سقم هذا الخبر أو ذاك فاختلط الحابل بالنابل .
الثاني : رواج الرويات المختلفة والموضوعة حول مسألة الصلح بحيث انها شغلت حيزا خطيرا في كتابات المؤرخين حتى لانكاد نجد كتابا تاريخيا تناول حياة الإمام الحسن (ع) إلا وأورد واحدة من تلك الروايات الموضوعة ولعل أشهر هذه الروايات هي الرواية المنقولة كذبا وزورا عن رسول الله (ص) حول الإمام الحسن (ع)
(أن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح بين فئتين من المسلمين عظيميتين )
فالكثير من الكتاب والباحثين اعتمدوا هذه الرواية للتدليل على مسألة الصلح بين الإمام الحسن ومعاوية لعنه الله كما ان بعض الكتاب المعروفين اعتبروا هذه الرواية من العوامل الأساسية التي دفعت الإمام عليه السلام لتوقيع ما أسموه (الصلح) فإذا كنا نقبل عذرا من هؤلاء الكتاب في مسألة التحقيق في المصادر التاريخيه ونصوصها فإنا نرفض عذر اهمال هؤلاء في مسألة التدقيق في صحة الرواية لأنه أمر ضروري ولازم .
ونحن هنا إذ نتوقف على أساس التحقيق في سند ومتن هذه الرواية لإثبات وضعية ماجاء فيها من خلال التالي :

أولا
رواة التزوير والوضع :
فقد نشطت في عهد معاوية حركة التزوير بصورة بالغة حيث تزايد عدد الرواة الوضاعين والمفترين وذلك بهدف التغطية على فضائل أهل البيت عليهم السلام وقد تركزت هذه الرواية الموضوعة في مدح معاوية ومن جهة أخرى النيل والقدح في أهل البيت عليهم السلام . وأما عن أصل الرواية ونحن اذ نعتقد بوضعيتها ولنا في ذلك ثلاثة أمور :
أولا :من سياق الحديث نفهم أن الإمام الحسن عليه السلام وكأنه اليد المباشرة في ادارة دفة الصلح وصاحب المبادرة في تنفيذه بينما نعلم ومن خلال الوقائع التاريخية التي حصلت في عهد الإمام الحسن (ع) والنزاع مع معاوية أن الإمام عليه السلام اضطر الى قبول بالحل السلمي بعد ان استنفذ كافة الحلول الأخرى في درع العدوان الأموي على الدولة الإسلامية الذي جاء نتيجة انهيار القدرة العسكرية في جيش الامام الحسن عليه السلام وتتابع حالات الهزيمة فلم يكن الامام عليه السلام مختارا لهذا الصلح بل كان صلحا مفروضا بعد ان تدعت ادارة الامه ثم أنكرت وابتعدت عن ساحة الصراع والمواجهة .
ومن جهة ثانية ان الحديث يشير الى ان الامام الحسن عليه السلام يصلح بين فئتين وكأنه عليه السلام خارج دائرة الصراع وأن الأهداف التي من أجلها وقع النزال ليست موضع اهتمام الحسن ولاتربط به بصورة مباشره وهذا النوع من التهميش لحقيقة الصراع .
ثانيا : أن الحديث ذكر بأن الحسن عليه السلام يصلح بين فئتين عظيمتين ولاندري أين مواضع وموارد العظمة في هاتين الفئتين فإن كان بالحجم فقد ذكر الامام الحسن (ع) فيما سبق في انه لم يتمكن من شد سوى عشرين رجلا إضافة إلى إنسحاب الآلاف من جبهات الحق وتوجهت نحو جبهة معاوية لعنه الله .. علاوة على ذلك ان في حال ابرام معاهدة الصلح كما يذكر الحديث لم تكن هناك بالفعل فئتان عظيمتان بل إن الدافع الرئيسي لإبرام الصلح أن الإمام الحسن كانت ضعيفة وقليلة للغاية وهي لم تبلغ أربعون رجلا .. أما اذا كان مورد العظمه على أساس المنزلة فلا يوجد إشارات تدل على عظمة فئة معاوية بل بالعكس كانت على موضع الإنكار واللعنه والثبور والأدلة على ذلك مستفيضة منها :
قوله (ص) لعمار بين ياسر (تقتلك الفئة الباغية )
وقوله أيضا ( إن عمار مع الحق والحق مع عمار يدور كما دار قاتل عمار في النار )
والكثير من الروايات فكيف يصح إطلاق العظمة على فئة معاوية وهي التي قتلت عمار وحجر بن عدي وأصحابه ومالك بن الأشتر ومحمد بن ابي بكر وثلة من خالص أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام
ثالثا : من خلال استعراض الوقائع التاريخية منذ فتح مكة وحتى توقيع الصلح نجد أن بني أمية كانوا يكيدون للإسلام وأهله وإنما رفعوا شعار الاسلام رهبة وتضليلا في سبيل تحقيق مطامع الجاهلية وقد لعن رسول الله (ص) ابا سفيان وابنه عتبة ومعاوية في حادثة الناقة
وان فئة معاوية التي كفرت بالولاية وشنت الحرب على الإمام علي والإمام الحسن عليه السلام (ع) ولم تكن قط للدولة الإسلامية ليست هي الفئة المسلمة كما يذكر الحديث علاوة على ذلك أن الصلح الذي تم في عهد الإمام الحسن (ع) انتهى الى تسليم معاوية الخلافة منتزعا الولاية الشرعية من الإمام الحق الذي نصبه رسول الله (ص) من قبل الباري عز وجل فكيف بصلح الإمام الحسن بين فئتين من المسلمين على أمر ليس لأحد سوى الله الحق في اقراره .